في التعامل مع وباء الكوفيد19، دخلنا منذ منتصف شهر جوان 2020 في مرحلة "جريمة دولة"… حيث أنّ هذه الأخيرة رضخت منذ ذلك التّاريخ لضغوط لوبيّات رأس المال ولضغوط "الدّولة الحامية"، فقرّرت التخلّي عن معظم الإجراءات التي اتخذت منذ بداية انتشار الوباء الوافد عبر الحدود… اجراءات أدّت بشهادة الجميع إلى محاصرته إلى درجة كسر سلسلة العدوى مع مطلع جوان 2020… ولم تكن تلك الاجراءات لتنجح لو لا تحلّي عموم الشعب بانضباط وبروح مسؤولية وبروح تضحية قلّ مثيلها في تاريخ هذا الشعب…
هذا الوعي وهذه التضحية من قبل الشعب كان أساسها أنّ الحفاظ على الصحة العامّة وعن النفس البشريّة يمرّ قبل كلّ شيء…
ولكنّ خذلان تلك التضحيات أتى مرّة أخرى من قبل الدولة: حكومة وبرلمانا ورئاسة جمهوريّة… وهي بحقّ دولة هواة… دولة تنطّع صبياني… و"لعب ذِرّي"… لا تعي أنّ قرارا من قراراتها قد يؤدّي إلى نتائج كارثيّة…
ما حدث مع الكورونا، لو استعملنا مبدأ القياس، حدث بقرارات مماثلة أهلكت النظام التعليمي، والنظام الصحي، وقطاع السكن، وقطاع الفلاحة وقطاع النقل وقطاع الصناعة وكيفيّة تتطوّر مدن لم تعد تحتمل مطر نصف ساعة… هذا ما نعنيه بجرائم الدولة… دولة الهواة والفسدة…
اليوم ينتشر الوباء بصفة خطيرة، الظاهر منها فقد السيطرة عليه…. مما سينجرّ عنه التضحية ببعض أبناء هذا الوطن، يعلم الله عددهم…
لا ألوم من قدموا هذا الصيف لقضاء عطلتهم هنا في تونس، فتفسّحوا في كلّ أرجائها، وأقاموا الأفراح والأعراس… لا ألومهم وإن خلّفوا وراءهم آلاما ومآتما… لقد فُتحت لهم أبواب البلاد على مصراعيها بدون أدنى حذر… فلا احترازات ولا حظرا صحيّا ولا تحاليلا ولا هم يحزنون… فدولتنا تعوّدت، إذا ارتبط الأمر بلوبيّات رأس المال وبأوامر الدولة الحامية… تعوّدت على مقولة حقّ أريد بها باطل… "إذهبوا فأنتم الطلقاء"…
بعض الناس… ومنهم حتى أصدقاء لهم باع في الثقافة والوعي باتوا يردّدون كلاما غريبا… من نوع: "لماذا تهوّلون أمر الكورونا فهناك أضعاف أضعاف ضحياها من المصابين بأمراض أخرى وبحوادث الطرقات وبالغرق في البحر وهلما جرّا"… أجيبهم: "لماذا نتحدّث إذًا عن الارهاب ونهوّل من أمره والحال أنّه يقتل بضعة أفراد من أبناء هذا الشعب مرّة في العام أو العامين؟" أجيبهم أيضا بسؤال آخر: "هل الكوروتا وباء؟ نعم أم لا؟"
نسأل الله أن يحمي الجميع من كلّ مرض وداء… وأن يجير بلادنا ويطهّرها من ساسة ما فتؤوا يبيعون الوطن بأبخس الأثمان… من ساسة مافتؤوا يجرمون في حقّ أجيال هذا الشعب المتتالية…