أحرص على تجنب التعليق على قضايا تهز الرأي العام لأن حالة المشاعر المستنفرة لا تترك حيزا للتفكير الهادئ .
علينا حتى نفهم ما حدث في احد معاهدنا ان نتحلى كتونسيين بالكثير من الرصانة و التواضع . لن نخترع العجلة . سؤال العنف المدرسي شكل مبحثا متعدد الاختصاصات راكم دوليا آلاف المؤلفات و التقارير .
لاشك أن حادثة الاعتداء على المربي بن سلامة هزت الرأي العام لفظاعتها غير أن المدرسة التونسية سجلت سنة 2018 ما يناهز 16000 حالة عنف اي ما يقارب 60 حالة عنف يوميا بحساب السنة المدرسية وحسب الاحصائيات التي أوردتها مصادر عديدة.
الفرضيات التي تقدم لفهم العنف المدرسي تقريبا هي فرضيتان :
الأولى تقول ان المدرسة منتحة للعنف ، بين جدرانها و أسوارها تنتج عنفا : الاكتظاظ ، الزمن المدرسي ، البنية التحتية ، المناهج و تكوين المربين ، الانشطة الموازية للتدريس ،،،كلها فابريكات عنف اذا ما اختلت . فعلا مدرستنا اذا ما قاربناها من هذه الزاوية عنيفة، بل ماكينة عنف : بنية رثة ، مناهج قديمة ، زمن مدرسي كارثي، ، كفايات المدرسين في مجال بيداغوجيا الاطفال و اساليب التعامل مع المراهقين كارثية لغياب التكوين فيها الا حالات الاستثناء النادرة من النقص الحاد في الموارد البشرية : قيمين ، مربين الخ .
الفرضية الثانية التي تقدم لفهم العنف المدرسي هي أن المدرسة تتلقى العنف الّذي يستلل اليها/ أو يفيض عليها من الخارج : العنف الأسري، شبكات الاتراب ، عنف الشارع ، وسائل الاعلام و شبكات التواصل الاجتماعي . هذا أيضا ينطبق على المدرسة التونسية التي يحاصرها العنف و يخلع ابوابها المهترئة أصلا.
لذا فان المقاربة لن تكون الا شاملة . هذا ليس تعويما، بل شرط الاصلاح . تجارب مقارنة عديدة يمكن ان تجعل من العنف المدرسي ظاهرة يمكن علاجها و ليست قدرا محتوما متى آمنا ان هذا ضرورة ملحة.