الرئيس يصف عملية معبد الغريبة بجربة التي أدت إلى مقتل عدد من الزوار وعون حرس بالعملية الإجرامية. على مدى سنوات كان أي حادث عنيف أو اعتداء دموي أو عملية إجرامية تقع في البلاد توصف مباشرة ودون تردد أو تروّ بالإرهابية وتُنسب فوريا إلى فصيل سياسي معين هو حركة النهضة خصوصا والإسلاميين عموما، وتكون كذلك فرصة لسحل القاضي بشير العكرمي والقضاة واتهامهم بالتستر على الإرهاب والإرهابيين…
وعلى مدى الأشهر الماضية تفجرت القضايا الإرهابية في وجه المعارضين والمناوئين من الناشطين والحقوقيين والسياسيين وحتى القضاة وتفرخت حتى لم يكد ينجو أي صاحب رأي حر من الاتهام الرسمي والجنائي بالإرهاب وصارت قضاياهم التافهة الوجبة اليومية للإعلام والموضوع الرئيسي للنقاش السياسي…
اليوم وفي زمن تمكن الانقلاب نهائيا من كل السلطات والأجهزة بعد إزاحة خصومه من السلطة ووضعهم في السجون وسيطرته على القضاء وأيداعه "قاضي الإرهاب" بشير العكرمي السجن أيضا ...اليوم صارت العملية المقترفة من قبل أحد أعوان القوات المسلحة والحائزة ظاهريا على كل المواصفات الإرهابية ...صارت مجرد عملية إجرامية!! نعم...وخرج الرئيس هادئا ورصينا على غير عادته وخلاف نبرته المزمجرة حتى في أيام السلم والأعياد!!
ليس من العسير اليوم أن نستنتج - اليوم أكثر من أي وقت مضى- بأن الاتهام بالإرهاب غدا ورقة سياسية يلعبها من كان خارج السلطة ولو جزئيا - لاستهداف خصمه الماسك ولو جزئيا (ولو بطريقة شرعية) لإزاحته من السلطة، فوقتها يجب أن يسقط سقف الأمان والاقتصاد والاستقرار حتى يُحمّل الحاكم مسؤولية كل ذلك فيُزاح من الحكم…
أما اليوم فالخصوم في السجون والشياطين في قْلبو والسلطة في أيديهم وليس من مصلحتهم أن يُسمّوا الاختراق اختراقا والتقصير تقصيرا والعجز عجزا والإرهاب إرهابا...لقد وزعوا ورقة الإرهاب باطلا على كل خصومهم ومناوئيهم حتى ملّها الناس وعافوها ولم يبق لهم من أوراق يعطونها للإرهابيين بحق، فقد نفدت الأوراق وانتهى الرصيد، وزالت الإثارة، ولم يعد من مصلحتهم أن يُضرب الاقتصاد ويُهدر الموسم السياحي بشيوع خطاب الإرهاب وكلماته والثرثرة به!!
نعم الموسم السياحي والاقتصاد...هذا أهمّ شيء الٱن لديهم وهم في الحكم ليبقوا في الحكم...أما من ماتوا فلم يعودوا سوى تفصيلا، ولم يعودوا يستحقون صراخ إرهاب العادة و"غضبة" تليق بدمائهم المهدورة وتضاهي غضبة الدفاع عن الكرسي وغضبة اكتشاف "التخابر" المزعوم مع الخارج أو "التٱمر" المختلق على أمن الدولة…
لقد ظلوا زمن السلم وطوال العام يتهمون خصومهم بالإرهاب...وحين ضرب الإرهاب زمن حكمهم، أنكروه تماما!!...أتُراهم وضعوا كل خصومهم "الإرهابيين" في السجون فزال الإرهاب...ويا له من نجاح سياسي، لقد قضوا على الإرهاب...لولا تلك الأرواح التي أزهقت، والنفوس التي رُوّعت، والتمثيليات التي انفضحت...والشيماء الحُرة التي بإفك خائب سُجنت.