في مشهد سريالي يبعث في نفس الآن على الضحك والسخرية والبكاء والقرف، فتح بحث تحقيقي في البشير الفرشيشي ،أحد أكبر أساتذة القانون، وأحد رموز المحاماة، والنائب في أهم القضايا الجنائية والسياسية والاقتصادية، ورئيس لجنة مراجعة مجلة الإجراءات الجزائية...من أجل جرائم حق عام لا يصدقها عقل ولا يقبلها منطق...تسهيل فرار مسجون بإعطائه أسلحة، وحمل ومسك سلاح أبيض بدون رخصة، ومخالفة الأوامر والقرارات الصادرة ممن له النظر والمشاركة في ذلك!!
رغم تعود الرأي العام ورجال القانون والقضاء في السنتين الأخيرتين على عجائب تلفيق القضايا وغرائب التهم الموجهة لنخبة القضاة والمحامين من قبيل الإرهاب والتٱمر على أمن الدولة وشتى أنواع الفساد والرشوة وارتكاب أمر موحش ضد رئيس الدولة...رغم التعود على ذلك والتطبيع معه إلا أن ما نُسب لقامة علمية وقانونية في عقده السابع ومقامه الرفيع وحظوته الدائمة وشخصيته الجامعة وحياده المعروف...يظل فوق كل تصور...ألهذه الدرك تردّى القضاء؟ ألهذه الدرجة هانت المحاماة؟ ألهذه الدرجة يُداس العلم؟ ألهذه الدرجة يُستباح الرجال؟
قد لا يُفهم هذا الوضع إلا بكشف الستار عن خطيئة أو خطايا أصلية سكت عنها الناس…
- ألم يسبق تتبع عدد قياسي من المحامين وإيقاف العديد منهم (في الأشهر الأخيرة) من أجل جرائم واهية وسخيفة لكن بعناوين خطيرة؟
- ألم يتم عزل 57 قاضيا ظلما وعدوانا ورفضت السلطة إرجاعهم رغم الأحكام القضائية؟
- ألم يقع إيقاف القاضي بشير العكرمي بضغوط سياسية وتحت أنظار الجميع بعد مداهمة منزله بطريقة عنيفة واستعراضية ثم إيواؤه مستشفى الأمراض العقلية قبل إعداد وتوليد القضايا له حتى لا يغادر المعتقل مطلقا؟
- ألم تصمت هيئة المحامين طويلا عن الانتهاكات الفظيعة التي ترتكب في حق القضاء والقضاة والمحامين وحق الدفاع والمحاكمة العادلة...وتركت المجال واسعا لأكبر الخروقات وأفظع التجاوزات حتى انتفت كل حرمة للقانون والإجراءات واستُبيح العدل والدفاع كما لم يستبيحا من قبل...؟
وحتى لا ننسى...المجازر ابتدأت بالقضاء والقضاة تحت التصفيق والتحريض...ثم غمر الطوفان الجميع... فلا شيء يبقى بعد هدم القضاء...لا شيء!