بينما كان التونسيون في انتظار نتائج انتخابية متقاربة على الأقل بين الرئيس المتخلي قيس سعيد والمترشح السجين ظلما وكيدا عياشي الزمال بعد أن تكثفت مشاركة التونسيين ونجحت حملات التحشيد ودفع الكثيرين للتخلي عن خيار المقاطعة، وبعد أن تأكد استقرار نسبة المشاركة فيما بين 25 و30 بالمائة تبعا لثبوت تسجيل إقبال 2700.000 تونسي على مراكز الاقتراع طبق أرقام هيئة الانتخابات نفسها ورجحت القراءات والتقديرات المنطقية أن تحوم نسبة التصويت للرئيس المتخلي قيس سعيد حول 11 بالمائة أو أكثر بقليل (حوالي 1 مليون صوت) قياسا على نسب المشاركة في الانتخابات التشريعية للبرلمان الصوري وقبلها في الاستفتاء، ليحرز المترشح الواعد عياشي الزمال باقي الأصوت أو أغلبيتها الساحقة…
بينما كانت التوقعات في انتظار نتائج تصويت معقولة أو حتى متقاربة تنبئ بدور ثان بين الزمال وقيس سعيد، يخرج على التونسيين عبر التلفزة الوطنية الأولى - المتهيئة سلفا مع ضيوفها أكبر الوجوه المؤيدة للرئيس لحدث سعيد - مدير شركة سبر الٱراء المختصة في الانتخابات "سيقما كونساي" السيد "حسن الزرقوني" والذي ظل لسنوات غائبا عن الساحة خوفا على نفسه من بطش السلطة طبق ما لمح إليه في تدوينة شهيرة "عندي أولاد"،
يخرج على التونسيين بنتائج انتخابية خيالية وصادمة بفوز قيس سعيد بنسبة 89 بالمائة مقابل 6 بالمائة للزمال و4 بالمائة للمغزاوي وهي نسبة تضاهي في وقاحتها نتائج الانتخابات في ظل حكم الديكتاتور بن علي وتفوق بكثير النسبة التي تحصل عليها قيس سعيد نفسه سنة 2019 حين صوتت له كل القوى السياسية في البلاد، فإذا به وبعد تراكم فشله واهتراء حكمه وانفضاض الجميع من حوله واشتداد عزلته يُحرز - ويا للعجب - على نسبة تصويت أعلى!
بذلك تكون العملية الانتخابية بمختلف مراحلها قد شهدت كل الأعاجيب الممكنة بما سيخلّدها في سجلات العار لبلد طالما رفع رأسه بحريته وديمقراطيته وتنافسبة انتخاباته ونزاهتها وحرفية كل القائمين عليها...وكأن القائمين عليها جميعا سقطوا...سقطوا معا...لكن هل تسقط إرادة الشعوب؟
كلّا! يسقط الكذب...يسقط التزوير.