جُلّ المنشورات التي تدعو إلى "تطهير" البلاد من أفارقة جنوب الصّحراء تبدأ بهذه العبارة، أو بعبارات مشابهة ومُفعمة بال"روح الوطنيّة" التي تضع "مصلحة البلاد فوق كلّ اعتبار"...
تجده لا يملك ذرّة احترام ل"رِزق البيليك" من أخضر ويابس... وكلّما سمحت له الفرصة ينهش منه ما تيسّر نهبا بدون شفقة ولا رحمة... تجده يبصق في كلّ شوارع الوطن ويتبوّل على كلّ جدرانه ويلقي بفضلاته في كلّ ساحاته…
تجده يلوّث بحار وأنهار وسهول وجبال وغابات وصحاري وسواحل الوطن، بدون تردّد ولا وجل... تجده كافرا جاحدا أكثر من أبي لهب في زمانه بمقولة "الصّدق في القول والاخلاص في العمل"…
تجده يصنّف أهل وطنه إلى 72 فيّة وفرقة... واحدة منها فقط ناجية... فرقته وفيّته هو طبعا!... والبقيّة "جبورة"، و"من وراء البلايك"، و"أقعار"، و"ما يتهزّوش بمقصّ النّار"... تجده يتصّرف كالمُومس بين أحضان من هم من ذوي البشرات الفاتحة والشعر الاشقر والعيون الزرقاء واللّكنة الأوروبيّة…
تجده يصطفّ بكلّ ذُلّ، لساعات طويلة، في طوابير السكّر، والزّيت، والطّحين... تجده راقصا، مصفّقا، مُطبّلا، مُزمّرا لانقلاب مدعوم من "محور الشرّ" في العالم... نفس المحور المثخن في دماء غزّة... انقلاب افتكّ منه كرامته وحريّته، وباعه مكانهما أوهاما مضحكة…
تجده يستجمع المال حتى يتسنّى له ارسال ابنه على متن قارب "حرقة" إلى لامبادوزة... وتجده رغم هذا، يضع "مصلحة البلاد وحماية حدودها وتطهيرها من الأفارقة (كما يقول) فوق كلّ اعتبار"...
فيق يا شفيق... فما تسمّيه "وطنا"، ليس بوطن... بل هو مستشفى للأمراض العقليّة…