رئاسة الحكومة :نحو معاملة الموظف العمومي على أساس سجين سياسي مسرح،للقضاء على حالات التسيب بالإدارة

Photo

لا يختلف اثنان، ان عند سقوط النظام في يوم ١٤ جانفي ٢٠١١، واصلت الادارة التونسية باختلاف رتب موظفيها و خططهم الوظيفية، خاصة الموفق العام الاداري الذي يسدي خدمات للمواطنين من تقاعد و تأمين عن المرض و صرف للأجور وتواصل الكهرباء و الماء، غير انه سرعان ما بدأ المواطنون يتذمرون من تدهور الخدمات التي يسديها المرفق العام، خاصة بعد رحيل الترويكا، فتحدث الكثير عن تسيب الموظفين الذين هاجروا مكاتبهم للالتحاق بالمقاهي و تَرَكُوا ملفاتهم، لمتابعة الأخبار بالصحف اليومية و المجلات،فما كان على السياسيين الا المطالبة بايقاف هاته التصرفات المحسوبة على الامبالاة ،تحت شعار قاعدة العمل المنجز أو توصيف الظاهرة بالفاسد الاداري ،اما بالنسبة للسلطة التنفيذية من رئاسة حكومة و هيئة الوظيفة العمومية ، فقد تم اتخاذ قرار بردع هاته التصرفات من خلال اصدار منشور عن رئاسة الحكومة، يحمل مسؤولية التراخي الى الروساء المديرين العموميين للمنشآت العمومية و روساء الإدارات المركزية بالوزارات، مصنفا التسيب الاداري من قبيل اخطاء التصرف.

و استجابة لتعليمات هرم السلطة التنفيذية، كثرت الزيارات الفجئية لمراقبة الحضور، صباحا، عشية و في اخر دوام حصة العمل، فتعددت الشهادات الطبية و بطاقات التأخير و ابدع الكثير من الموظفين في خلق التعلات من تعطل حركة مرور او توعك صحي ،،، ،لكن المغزى لا يمكن ان يكون هذا، بحيث ان حالة التسيب التي يتحدث البعض عنها هي ليست سوى نتيجة، لمظاهر من الظلم الاداري و تحقير الكفاءات الإدارية الشابة و ترجيح كفة الولاءات على كفة الجدارة في سلم الترقيات و إسناد الخطط الوظيفية،بحيث تولد احساس بالحقد في صدر كل من يرى في نفسه الكفاءة رافض العمل تحت إمرة مسؤولين إداريين ، صعدوا في سلم الادارة بالنفاق او بالأحرى بلغتنا العامية "التلحيس"، علما ان هاته الوضعيات عامة و تكاد الكفاءة تنحصر في بعض الحالات الشاذة التي تحسب على أصابع اليد الواحدة.

وقد لا يتخيل البعض من المواطنين او النافذين في هرم السلطة التنفيذية، أنه لو فرضت مراقبة ادارية على الموظف العمومي الذي كفر بعد الثورة ، بعد ان كان يقدس عمله و يعبده، وأصبح مجبرا على القبوع في مكتبه في إطار المواظبة على الحضور، فانه لن يشتغل و لن يتصفح ملفاته، بل سيكتب مقالات و يُبحر في الانترنت و يتفاعل مع الاحداث عن طريق الفايس بوك، فهذا ما سيفعله،أهكذا تريد السلطة التنفيذية، تشجيع الناس على العمل ؟ أهكذا تريد السلطة التنفيذية و روساء الإدارات العمومية، تشجيع الموظفين و تحسيسهم بالمسؤولية من خلال فرض عقوبة ادارية، تتمثل في الامضاء عند الدخول و الخروج في الساعات التوقيت الاداري لبداية و انتهاء الحصة الصباحية و المسائية للعمل؟

و انا اكتب المقال، تذكرت ما كانت تفعله السلطة زمن بن علي في المساجين السياسيين المسرحين حيث كانت تفرض عليهم المراقبة الإدارية وهي صنف من أصناف الأبعاد القضائي الداخلي و تتمثل في أحبار الشخص على الإقامة بمنطقة معينة تحددها السلطة التنفيذية بعد انقضاء مدة سجنه و لا يمكن له ان يغيرها إلا بإذن من الادارة او بترخيص مع إجباره على الامضاء في أوقات محددة تتجاوز الأربع مرات في اليوم بدفتر خاص بمركز الامن الذي يرجع له بالنظر.

من المنطق و المعقول، ان يلتزم الموظف العمومي بميثاق الأخلاق و يحترم النظام الداخلي للمؤسسة او الوزارة الراجع لها بالنظر و يلتزم بخدمة المواطن،لكن هل إخضاعه الى رقابة ادارية على غرار السجناء السياسيين المسرحين كفيل بتغيير الوضع في الادارة و شحن العزائم و الهمم حتى يقبل الموظف العمومي المتزهد الى العمل مجددا ؟

أليس جديرٌ بالإدارة او السلطة التنفيذية، ان تبحث في الأسباب المباشر لعزوف الموظفين العموميين عن العمل لغاية تقويم الأوضاع و استئصال الظاهرة نهائيا من الادارة التونسية ؟ منتهيا بالقول ان من صعدوا اليوم بالسلم الاداري عن طريق الولاءات عاجزون على تسيير المرفق العمومي وهم المرآة التي ترى فيها الحكومة أداءها الهزيل على جميع الاصعدة للخروج من البلاد من الأزمات التي تعيق نهوضها.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات