العنوان :فساد،،،،كم كرهت هذا المصطلح المبهم

Photo

منذ مدة ، كثر الحديث عن الفساد في تونس، بعد الأحداث الاحتجاجية التي شهدتها ولاية القصرين، و وقوف بعض البرامج التلفزية على تلاعب في محاضر التسليم الوقتي لبعض الأشغال العمومية بين بالمقاولين و رئيس النيابة الخصوصية بالقصرين، يعني بلغة تقنية ، تسلم الأشغال دون مراعاة التحفظات، بحيث قام المسؤولون على الدولة في إطار التصدي للفساد، بتكليف هيئات الرقابة الوطنية او الوزارية للتحقيق في الموضوع و احالة الملفات للقضاء في كل من يثبت تورطه، و من جهة اخرى يتكلم رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة افساد وهو محامي ليقول أنه لا وجود لقوانين تمكن من التصدي للفساد، و تتلاى التصريحات الإعلامية للسياسيين، فمنهم من يندد بالفساد الذي نخر الاقتصاد و الأخلاق المجتمعية و أخرون يروّجون لوشايات على معنى الفصل 248 من المجلة الجزائية على أساس انها شكايات و وزير المالية يستنكر من تباطئ القضاء في النظر في مئات الملفات التي أحالها منذ تقلده مهامه بحكومة الصيد، و رئيس الحكومة في تحويره الوزاري يضيف وزارة تعنى بالفساد، التي اقدمت على احداث موقع واب للتبليغ عن الفساد ،علما انه موجود منذ سنة 2012 وهو غير مفعل زد على ذلك انه مصمم بطريقة عشوية و مبتدأ.

و الذي زاد في الطين بلة ، الاعلام الذي يتحدث عن الفساد و دره في إشعال فتيل الاحتجاجات بالمناطق الداخلية ،،،،ما هذا أهي صحوة الضمير ام ماذا ؟

لن أقول انني ممّن يدعي في العلم فلسفة، لكن مَاهكَذَا تورد الإبل و مَاهكَذَا يقطع دابر الفساد في البلاد،لان من يتحدث اليوم عن الفساد، لا يدرك ما تحمله هاته الكلمة متعددة الأبعاد في ذهنه، لانها بالنسبة اليه مصطلح مبهم، ولذلك فهو يعجز على التشخيص الصحيح و بالتالي على اقتراح الحل المناسب و الاليات العملية.

قراءنا الكرام، منذ سقوط نظام بن علي، كشف المستور، فانحصرت مظاهر الفساد في ما يلي : -انتداب بالوظيفة العمومية عن طريق الوساطة دون احترام لمبدأ التناظر المنصوص عليه بمختلف المناشير الصادر عن الوزارة الاولى و المكرس بقانون الوظيفة العمومية و بعض الأنظمة الاساسية للمنشآت العمومية، وهو ما يجعل ذلك مكنونا لكرائم الفصل 96 من المجلة الجزائية، بحيث يتحمل المسؤولية الأطراف التي تدخلت و التي لها نفوذ في خرق ذلك المبدأ و الطرف الذي التزم بسلطة المتدخل لديه، بحيث يكون النص المتطبق هو المبدأ القانوني المنصوص عليه بمجلة الالتزامات و العقود "لا يعذر الجاهل بجهله" -تمويل الوزراء و المنشآت العمومية، لأنشطة بعض الجمعيات و المنظمات الوطنية على غرار طلبة التجمع و المحسوبة على حزب التجمع المنحل او جمعية بسمة و بالتالي يكون الفعل من قبيل تمويل الاحزاب السياسية على خلاف الصيغ القانونية أو دعم منظمات لا يتماشى نشاطها مع نشاط الجمعيات على غرار منح وزارة الشؤون الدينية من ميزانيتها، منحة الى جمعية رياضية، -صرف اعتمادات او منح ، تحت عناوين مخالفة لآليات الصرف بصناديق الخزينة او بحسابات أموال المشاركة بموجب تعليمات رئاسية او وزارية، -إسناد صفقات عن طريق التفاوض المباشر دون استفاء الشروط القانونية المنصوص عليها بالأمر عدد 3158 لسنة 2002,و جميع النصوص المنقحة و المتممة لذلك، او توجيه كراس الشروط لفائدة مزوّد وحيد او منحه الملف س حتى يضبط على اساسها قائمة عرضه المالي.

فيعتبر الفعل كلما خالف مجموعة النصوص القانونية المنظمة للصفقات العمومية من قبيل جريمة الفصل 87 من المجلة الجزائية، -إسناد العفو الجبائي لبعض الشركات او تمكينهم من إسقاط الديون المتخلفة بذمتها لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عن طريق اليات غير منصوص عليها بالقانون وهو ما يعد من قبيل جرائم الفصل 96 من المجلة الجزائية، -إسناد القروض البنكية دون ضمانات حقيقية في مخالفة صارخة لمناظير البنك المركزي التونسي و القانون المنظم للسوق النقدية، عموما هاته البعض من افعال الفساد التي فتحت في شانها تتبعات قضائية و استنطق فيها المسؤولون لدى قلم التحقيق لكن الأحكام لم تصدر بعد، اتعرفون لمذا؟

القضاء يفعل ما بوسعه في التحقيق و الاستنطاق، لكن القانون يحتم على السادة قضاة التحقيق تعيين خبراء عدليين، في هاته المسائل، افا تعلمون كم يبقى الخبير العدلي من وقت لإعداد تقريره، على الأقل سنة و نصف، ليحيله على قاضي التحقيق الذي يتولى دراسته و استنطاق متهمين او سماع شهادات لأشخاص تربطهم علاقة بالموضوع ، ثم إعداد تقرير ختم البحث و إحالته على دائرة الاتهام حتى تبدأ اجراءات المحاكمات، تحت اضواء الاعلام الذي كلما تحدث في هاته المواضيع إلا و أثر سلبا او ايجابا في الحكم الذي سيصدر ابتدائيا، ثم يستأنف فيعقب، و امام كل هاته الإجراءات لا تفعل الدولة شيء لفهم أساليب الفساد و الإفساد، حتى يتسنى لها وضع الاليات القانونية الكفيلة بدرأ الخطر قبل وقوعه.

قراءنا الكرام، الحوكمة الرشيدة التي يتشدق بها المثير ، موجودة في تونس، وهي تتحلى في الأوامر التي تعنى بممارسة سلطة الإشراف على المنشآت العمومية، لكنها ينقصها القليل من الجدية، بحيث وجب ان لا يتم تعيين اعضاء مجلس إدارة بمنشآت عمومية لا يفقهون في التسيير الإداري فهم لا يدركون انهم يتحملون مسؤولية جزائية مقابل تقاضي منحة الحضور، بالرغم من وجود شخص مسؤول لينيرهم في القوانين عن هيئة مراقبي الدولة، لكن كلما تجاهل اعضاء مجلس الادارة القوانين الجاري بها العمل إلا و اتهم بتعطيل سير المنشآة ، و في الأخير يتحفظ على قرار مجلس الإدارة فيرفع وزير الإشراف تحفظه او يكبح جماحه في صورة ما ان قرر رئيس هيئة الرقابة او كاتب العام للحكومة حفظ تقريره.

قراءنا الكرام، تلعب هيئات الرقابة الوطنية على غرار الهيئة العامة لمراقبة المصالح العمومية و دائرة المحاسبات دورا أساسيا في المشرعن حالات الاعوجاج الموسسات العمومية و الوزارات، لكن ما باليد حيلة عندما يقرر المسؤول على الهيئة او الدائرة لأغراض سياسوية، تحريف التقرير او التخفيض من حدته، او التمسك بعدم إحالته على القضاء او مندوب الحكومة العامة.

قراءنا الكرام، ما عسى هياكل التدقيق الداخلي و التفقديات ان تفعل في صورة ما ان تم حفظ تقاريرها و عدم الأخذ بالتوصيات المدرجة بها، ما عسى مراقب الحسابات او مراجع الحسابات ان يفعل،اذا لم يكن اعضاء مجلس إدارة الشركة او المؤسسة،واعين بخطورة النقائص المدرجة بتقريره،،،،،،لا شيء سوى المصادقة على القوائم المالية مع التحفظ، تونس، بها ترسانة من القوانين، بحيث منذ ان تمت الموافقة على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، الملحقة بالقانون عدد 16 لسنة 2008 والمعتمدة بنيويورك من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في 31 أكتوبر 2003 والموقعة من قبل الجمهورية التونسية في 30 مارس 2004, لم يتحرك شيء ، إلا بعد سقوط النظام حيث اصبحت تونس محل أنظار جميع الدول بما في ذلك حقيقة الأرقام و المؤشرات التي كانت تغطي حقيقة الأمور في تونس.

وفي هذا الإطار اقترح شخصيا و بإيجاز ،على اهلًا القرار في الدولة التونسية و في مرحلة ثانية على الموظفين العموميين. وفي مرحلة ثالثة على عامة المواطنين ما يلي:

:-1تنقيح الأوامر المتعلقة بممارسة سلطة الإشراف و خاصة الامر 2197 و الامر 2198 لسنة 2002 ، من خلال ضبط اليات و اجال تدخل سلط الإشراف.

• اصدار أوامر ترتيبية تعنى بضبط الكفاءة الدنيا لاعضاء مجلس الادارة المزمع تعيينهم لتمثيل وزارات بمجلس إدارة منشآة عمومية، *اخضاع روساء المنشآت العمومية لدورات رسكلة في مجال اخطاء التصرف المنصوص عليها بالقانون عدد 74 لسنة 1985 .

• تنقيح اجراءات الإحالة على أنظار دائرة الزجر المالي ، مع إلزامية احالة الموظفين العموميين المحالة على أنظار الدائرة من اجل اخطاء تصرف على النيابة العمومية في صورة ما ان اكتست هاته الأفعال صبغة الجرائم الجزائية .

• تحميل المسؤولية الشخصية للمراقبين و المدققين بالهياكل الداخلية للمنشات العمومية و الهيئات الوطنية بإحالة تقاريرهم للقضاء في صورة عدم تحرك المسؤولين عنهم، بالاعتماد على احكام الفصل 29 من مجلة الإجراءات الجزائية.

• تمكين اللجنة الوطنية للتحاليل المالية،بصلاحيات تقضي بضرب عقل تحفظية على الحسابات البنكية المشبوهة و اعلام القضاء مباشرة في شانها.

• ضبط صلاحيات القطب القضائي المالي و افراده بنيابة عمومية مستقلة عن النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس، ليس من باب التجزأ، مع تحديد الاختصاص.

• الترفيع في العقوبات الجزائية بالنسبة لعديد الحرائق ذات الطابع الاقتصادي.

• ضبط عديد الآجال فيما يتعلق بآليات الاختبار العدلي في القضايا الجزائية و عرض التقارير المأذون بها.

• مراجعة صلاحيات هيكل المكلف العام بنزاعات الدولة.

• ايقاف التمديد في البقاء بعد السن القانونية للتقاعد بالوظيفة العمومية،لغاية عدم سد الافاق امام الشباب و جعل قطاع الوظيفة العمومية قلب نابض للدفع بالإدارة التونسية و تعديل أنظمة التقاعد جزئيا.

• تكوين لجنة قضائية ادارية ، مهمتها النظر في التشاريع التي تخول الاستفادة من خلال الثغرات القانونية او القيام بتجاوزات، لغاية تقديم المقترحات للحكومة لتتولى صياغتها في إطار قوانين تعرض على مجلس النواب او أوامر يتم تبنيها مباشرة.

• ايقاف انتشار الإشاعات عن طريق الصحف الصفراء، المختصة في هتك أعراض الناس لفائدة فلان او علان من خلال التنصيص على عقوبة بدنية، و اجتناب التغريم المالي، لتحميل الصحفيين مسؤولية ما ينشرون من اخبار.

- 2على الموظفين العموميين، ان كانت لديهم فكرة عن خروقات قانونية او افعال بموجبها تمت مخالفة التراتيب الإدارية او القوانين أو تسببت في ضرر مادي للإدارة، ان يعلموا وكالة الجمهورية في إطار ما تقتضيه احكام الفصل 29 من مجلة الإجراءات الجزائية،و الذي ينص على ما يلي :سائر السلط والموظفين العموميين أن يخبروا وكيل الجمهورية بما اتصل بعلمهم من الجرائم أثناء مباشرة وظائفهم وأن ينهوا إليه جميع الإرشادات والمحاضر والأوراق المتعلقة بها.

ولا يسوغ بحال القيام عليهم بالإدعاء الباطل أو بالغرم بناء على الآراء التي أوجب عليهم هذا الفصل إبداءها ما لم يثبت سوء نيتهم.

- 3بالنسبة للمواطنين من عامة الشعب، اذا كانت لهم شكوك موكدة ضد أشخاص في شبهة فساد، عليهم ان يعلموا وكيل الجمهورية من خلال تقديم وشاية، لكن اذا تبين عدم صحة الوشاية ،يعني وشاية كاذبة ، يمكن تتبعهم قضائيا من قبل المتضرر بالوشاية الكاذبة.

قراءنا الكرام ، هذا جزء صغير من الممكن فعله، للتصدي الى آفة الفساد وهو مقدور عليه من قبل الجميع، بعد التشخيص و ايقاف انتشار الوباء، يمكن اقتراح الحلول الكفيلة و التشريعية لسد الثغرات القانونية ، ثم على اثرها نمر الى الإصلاح. هكذا ارى الأمور، في مجال التصدي للفساد، ولا بالتحدث في المنابر الإعلامية او اعتماد الوشايات الكاذبة عن جهل للقانون لتصفية من يمكن ان نراهم خصوم الغد.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات