حِكمي من دروس الحياة لقُرّاء جريدة الزُرّاع

Photo

مررت بفترة، تحدثت فيها مع نفسي، فتطلعت للمناطق المظلمة داخلها ، حاورتها و جادلتنا و تم تحديتها لانني مقتنعا تمام الاقتناع، أولا ان النفس أمارة بالسوء، ثانيا، أن التأمل في الأشياء يبدأ بالبحث في الذات دون نفاق او اعلاء،ثالثا كتمت ذلك الصوت الذي يخالج كل شخص منا، و عرفت الفرق بين وسوسة الشيطان و حديث النفس و كلام الضمير ، فترفعت و ارتقيت بتفكيره ،ساعيا لطلب الحكمة ،التي لا تدرس لا بالمدارس و لا بالجامعات،إنما بمدرسة الحياة. فكتبت في العديد من المواضيع و اردت توثيقها، فقلت في الصمت ما يلي "اليوم فهمت معنى الصمت،و ما يخفيه الصمت، و من يبصر بعينه و يعجز عن فهم الصمت،فهو قطعا لا يبصر". و في سدادة الكلام و وقعه ما يلي "ينطلق الكلام كالرصاص، فما كل الرصاص يردي الانسان قتيلا،لان ليس كل الكلام في وقعه تأثيرا".

وفي التعفف على محاربة الضعفاء ما يلي "ارجعت سيفي الى غمدي،فالحرب على الضعفاء لا تستهويني،فاشجعهم سيموت خوفا بمجرد سماع وقع خطواتي" وفي الاختلاف بين البشر ما يلي "البشر تركيبة بيولوجية و نفسية معقدة،يكمن الاختلاف بينهم في اللون و القامة و اللغة و غيرها من الأشياء،لكن اهم نقطة اختلاف وهو ما لا تبصره بعين مجردة ،هو الاختلاف بينهم في ادراك نفس الحقيقة ،وهنا يولد الحس الإدراكي ليخلق الفرق بين ظاهر الأشياء و باطنها لنصبح فعلا مختلفين" وفي البحث عن الحقيقة ما يلي "ان البحث عن الحقيقة لا يستجيب الى علم المنطق،فإننا نشقى لمعرفتها،و ان وجدناها، زاد شقاءنا". وفي الحب ما يلي "أجمل ما في الوجود أن تحس نفسك موجود بمجرد وجود حبيبتك بجانبك و علوها إلى مرتبة حتى تصبح هي رمز الوجود".

وفي الاشرار و الاخيار فقلت"لا يخلق الانسان شريرا او طيبا،بل هي صفات يتسم بها،تكون فيها الأحداث المعيشة و البيئة و العلاقات المجتمعية ،أسبابا رئيسية في نسب صفة و نفي عكسها عنه، صفات تتغير او تنقص حدتها بمجرد تعديل عناصر معادلة الأسباب المذكورة" وفي النفاق ما يلي "النفاق هو ذاك الشيء الذي يجعلك تقول صباح الخير لشخص تكره،يجعلك تصاحبه بالرغم من ان نفسك لا تروق لك مصاحبته ،فان كنت كذلك،فاعرف انك تخشاه، و لا تتعلل بالأخلاق و التربية الحسنة ،لأنك تريد تفادي مواجهة نفسك" وفي الصراعات الداخلية و مساوىء النفس ،كتبت فقلت "في بعض الوضعيات، ينشأ صراع في داخل الانسان يفضي الى تصرفات ،بعضها رصين و الاخر متهور.و طرفي النزاع في ساحة حرب الانسان هما النفس و العقل.فاعرف ان كل تصرف متهور او عنف او غيره من الكلام الجارح، هو نتيجة من نتائج فوز النفس على العقل،و ان كنت كذلك ،فاعلم ان نفسك قد صارت سلطانا عليك و عقلك لا يشتغل،فلا تستجب للنفس،انها كانت داءما و ستظل امارة بالسوء".

اما في السفر، قلت "السفر يحقق متعة للإنسان،يكتشف من خلاله بيئة جديدة،موطنا جديدا، أناسا جدد،تقاليد جديدة،حضارات جديدة لكن من اجمل السفريات، هو ان تسافر دون تأشيرة او جواز سفر او طائرة، متى تريد، لأنك تسافر للحظات او لبعض ساعات و انت جالس بنفس المكان،لتكتشف من خلال سفرك ،عالم النفس و خباياها،و كم أحوج الانسان للسفر في اليوم ،العديد من المرات لاكتشاف عالم النفس". و في الملل و القلق، كتبت ما يلي "ان الملل و القلق هو الشعور الذي ينتاب الانسان، عندما يكرر نفس الأفعال او يقابل نفس الأشخاص، و منطلق الملل و القلق لا ينتاب الانسان الا عندما يشعر ان الأشخاص لا يقدمون اضافة بل يكررون أنفسهم و الأفعال التي يقوم بها هي نفسها و دون جدوى و هو الظاهر،لكن باطن الأشياء و حقيقتها ليس كذلك. ذلك الانسان ينتابه الملل والقلل لما يبدأ بالتفكير و التدقيق في باطن الأفعال و تقييم الأشخاص، لذلك فان بالرغم اننا تستيقظ كل يوم صباحا و نغسل وجوهنا، فلن تجد في هذا العالم من ينتابه الملل و القلق لكونه يغسل وجه في اليوم مرات عدة بالرغم من ان هاته العملية هي اكثر روتينية من كل شيء.

فالملل و القلق يبدآن عندما يبدأ الانسان بالتفكير،لان مصدر القلل و الملل هو الانسان ذاته و لا الأفعال التي يقوم بها او الأشخاص الذين يحيطون به". و في منبع الحكمة و تسائل الناس عنها ،قلت "يسال الناس الحكيم عن سر حكمته، و لا تراهم يسألون العزام عن منبع دجله". كما كتبت في سر الذكريات ، فقلت "في أوقات يشتد الألم،ألم لا ينفع معه أدوية،ألم ينكسر على شاطئه كل محاولات الغير،لانه ألم عميق،ألم يشعرك بوحدة بالرغم أنك وسط آلاف الأشخاص، وضجيجهم يكاد يصم الآذان. وفي لحظة فاصلة،يذهب الانسان للبحث في باطنه،عن ذكريات سعيدة،فيمعن النظر و يفحص اهم جزيئاتها في محاولة لإطالة التفكير في تلك الذكريات،فينسخ السعادة التي تحملها،فيعيشها في لحظة زمنية ضيقة ،و بانقضاءها يعود بين الناس،لكن الألم لا يذهب بل تخف وطآته." و في امتحان الحياة ،قلت "يخضع المرأ منا الى عديد الامتحانات ، في المدارس و الجامعات و يبني طموحه من خلال الحصول على أعداد و نتائج ، لكنه لا يدري ان الامتحانات تتواصل حتى بعد التخرج في اكبر مدرسة وهي مدرسة الحياة ، فمنا من يكترث للسؤال فيحسن التصرف و الإجابة في الوقت المناسب و منا من لا ينتبه فيعيش تائها طيلة حياته لتكون عنوانا للفشل. و قد نعلم مسبقا ان في الجامعات و المدارس، أساتذة و معلمين، يخضعوننا للاختبار و التقييم، لكن في مدرسة الحياة، الاختبارات و الامتحانات متتالية دون سابق علم او توقيت. و كن متأكدا ان هناك من يرصد تصرفك لتقييمك،ذلك ان الحياة مواقف لأننا نعيش بصفة مسترسلة لحظة الامتحان،لكن دون سابق إشعار". و في مفهوم الصدمة ، حللت و قلت فيها مايلي "مفهوم الصدمة لدى البشر هو مفهوم عميق، فالإنسان يضع الانسان فترة من الاختبار ينجر عنها جملة من استنتاجات، فتتكون لدينا فكرة على الشخص من خلال تفاعله و كلامه و خطابه و مواقفه، فنبني في مخيلتنا ضوابطا و حدودا لذلك الشخص ،ما يمكنه فعله، ما يمكنه قوله و بصفة عامة كل ما يمكنه و ما لا يمكنه. و يبقى التناغم موجودا في نفسية المتأمل لتصرفات الشخص بالشكل الذي يرجح الحكم عليه على أساس ما تم تأسيسه من ضوابط حوله من خلال تلك الاستنتاجات، الى تاريخ حصول واقعة او تصريح او موقف،يهدم جزءا من تلك الضوابط جراء استنتاج جديد، فتتولد الصدمة في الانسان، بحيث تختلف من احد الى اخر و يبقى تقبلها رهين الضابط الذي تم تدميره، فيختل التوازن. فعلى سبيل المثل، اذا تأكد لدينا من خلال تفاعل و كلام و خطاب و مواقف إنسان ، استنتجنا انه كاتم للسر، فنتحدث أمامه في كل شيء ، لكن عندما نعيش واقعة نستنتج من خلالها ان الأسرار التي أؤتمن عليها قد تم تسريبها من قبله ، نقف على استنتاج جديد يدمر الضابط القديم ، فتنشئ الصدمة.

وقد نعيش في حياتنا صدمات في أشخاص ،نستخلص منها دروسا تمكننا من رسم ضوابط في علاقاتنا المستقبلية مع أشخاص اخرين لكن بحرفية اكثر،ذلك ان الصدمة ليست واقعة بل نتيجة، يكون مسؤولا عليها متقبل الصدمة بصفة حصرية لانه أساء التقدير و الاستنتاج ،بحيث يكون قد فشل في رسم ضوابط و حدود صادمه". و في صعوبة الاختيار عند الانسان ، قلت "امام خيارين اثنين ، ينصب الانسان نفسه حاكما فيما بينهما ، فيضع سلبيات و إيجابيات كل خيار منهما ، و يحتكم الى الضوابط و المبادىء التي يعتقد فيها و يؤمن بها ليختار بين خيارين اثنين ،فيكون الصراع عنيفا في الداخل. و يسهل على المرأ ان يختار دائماً الخيار الذي يناسبه او ّيمكنه من الوقوف في صف الانسان الذي يقتنع به او يميل له،فيشّرع لنفسه إيجابيات صنعها في مصنع حمل سقفه راية "انصر أخاك ظالما او مظلوما"،لكنه يحيد على الحق لان الخيار الأمثل لا بد ان يتخذ تحت لواء الحق و نصرته لا غير ، حتى لا نظلم أنفسنا و لا نظلم احدا،ان الانسان كان ظلوما،جهولا". و في الغدر كتبت فقلت "منذ قرون مضت، تفنن الانسان في اصطياد الحيوانات باختلاف أصنافها، فراح يطور وسائل الصيد لانه كان قد أدرك انه دون صيد لا يستطيع ان يطعم بطنه و بالتالي لن يقدر على العيش.

وقد يتطور الانسان مع تطور وسائل الصيد، ليتخصص في قنص أخيه الانسان و اصطياده، باستعمال أقوى سلاح حربي،اسمه العقل، ليرى في ذلك متعة أبدية ، لا لإسكات جوعه ،بل لإشباع غريزته الحيوانية التي يتجسد فيها حب النفس و إرضاء غرورها" كما قلت في العداء الانسان لاخيه الانسان ما يلي "من رأى منكم إنسانا يكُنّ العِداء لإنسان، فاعلموا انه اتخذ نفسه الآمارة بالسوء رفيقا له،وهو قطعا منتهي لا محالة". و في شياطين الانس و إشعال الفتن ، ما يلي " تشتعل الفتن بين الناس،من وسوسة الشياطين،فيكثر اللغط بينهم و تشتد الخلافات، و لو أدرك فريق من المفتونين الشيطان، لتم قطع رأسه، لكن شيطان الانس، اخطر مما نتوقع في بث النميمية و الأكاذيب فهو ذاك الشخص الذي ينقل الكلام فيزيده، يطوع الكلام و مفهومه و يبذل مجهوده في فرض سوء الظن بين الناس فيصابون بشك مرضي ذلك انه يتربص حتى يصبح محل ثقة من احد الفرقاء و تبدأ الفتنة.

و قد يصعب أكتشاف شيطان الانس،لانه يتخفى وراء صور جميلة في الاعمال ، لكن مهما كانت أعماله بزينتها فان الله يمسخه ، فيقّبح وجهه و يجعل فيه طولا و يسوّد بشرته ، حتى لا يقع المسالمون و المسلمون في شراك فتنته". و في الكذب ما يلي "أرجع علماء النفس،عوامل الكذب و تزييف الحقائق عمدا،الى التنشئة الاجتماعية و نقص الإشباع في العواطف و المشاعر و فقدان الأمان. فقد يلجأ الانسان الكاذب الى امتلاك أعذار و ذارئع من خلال منطق ينفرد به لوحده، فيوظفه باستعمال أساليب و صيغ تفيد الصدق و تأكيد الحقيقة، تلك الحقيقة التي يسطنعها من خلال أكاذيب تؤجل كشف الحقيقة الأصلية للإحساس بأمان مصطنع،يكون نتاجا لكذب الكذّاب حتى على نفسه متفاديا كل عنصر او إنسان من شانه ان يخل بذلك الأمان.

و قد ينجح الانسان في افتعال حقيقة كاذبة، لكنه يفشل دائماً في تطويع العناصر التي تخرج عن سيطرته و التي من شانها ان تؤدي الى كشف الحقيقية الأصلية، لذا فهو يعيش في قلل نفسي متواصل، ينتهي به الوضع الى شك مرضي يحول حياته الى جحيم في تعامله مع الناس،فيفتضح أمره". اما في الخوف ، قلت " ان الخوف هو ذلك الإحساس الذي يشل حركة الانسان، فلا تراه يتنقل او يفكر او يصدع بصوت الحق، و قد ينبع الخوف من حب النفس في البقاء و تفادي المواجهات في الحياة و الإحساس بالضعف لقلة الثقة، فالماضي البعيد قد يذكرنا بموسى في مواجهته لفرعون، لما قال رب العرش العظيم،" فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى ،قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى"،بحيث ما خاف بعدها موسى و قضى فرعون. و ان أردت العيش سعيدا، فلا تترك الخوف يتمكن بك و أصر على مواجهة مخاوفك ، فما خلق بشر منا له نزعة الخوف، فكلما واجهت مخاوفك، دربت نفسك على الإقدام و اصبح شجاعا شيء فشيء" في الغضب، قلت "ان الغضب هو تلك السحابة السوداء التي تغشي العيون، و ذلك الشيء الذي يشحن الدماغ ، فينحبس عنه الاوكسيجين، و يعجز الانسان بموجبه عن التفكير و اتخاذ القرار السليم، .....فيتهور، و ينزلق في سياق اللا منطق في الكلام و الأفعال، و قد تجهل يا إنسان، أن ما يتم تدميره في دقيقة جراء لحظة غضب،لا تبنيه هندسة الفراعنة في سنين،فل نستنشق جرعة من الهواء في لحظة غضب و نحافظ على كل بناءٍ،قد نعجز طيلة حياتنا على اعادة تصميمه او الخروج من تحت أنقاذ حطامه". و في الأعداء الحمقى ،قلت:"قد يضيق صدر الإنسان؛بصفة مؤقتة جدا؛ عندما يكون له عديد من الأعداء؛لكنه ينشرح بمجرد أن يكتشف أن اكثرهم حمقى".

وقد تعمدت عدم نسخ الكثير و نقله لكم ،حتى لا ينتاب قراءنا الكرام ، الملل، لكن لا يزال الكثير ، مما كُتب و مما لم يُكتبْ بعد.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات