الفايسبوك منشغل هذه الأيام بخبر تحجير السفر عليك؟ وقائمة من التهم المنسوبة إليك، وعلى الرغم من أنه لا يوجد مصدر رسمي واحد يمكن العودة إليه للتثبت من هذه (النازلة) فإن التجربة علمتنا أن أخبار الدولة التونسية الرسمية تُستقى من الفايسبوك أولا…
أكتب إليك لأطمئن عليك، ولأحذرك من أمر ستقع فيه بلا شك، لكن قبل ذلك دعني أعلمك أن القضية (إن كان حقيقية) لا تدعو إلى الأسف، بل ينبغي أن تفخر بها، كيف لا؟ وهذه ثالث مرة يذكرك فيها التاريخ: الأولى عندما عينت رئيسا للحكومة وأنت لا يعرفك أحد، والثانية عندما خرجت من أصغر أبوابها دون أن يكترث برحيلك أحد. وهذه هي المرة الثالثة لأنك ستكون أول وزير يعاقب لأنه لم يفعل شيئا...!
واسمح لي (عزيزي) قبل ذلك أيضا بأن أرفع الكلفة بيننا، فما حاجتنا ونحن الآن مواطنان متساويان بالألقاب والتبجيل؟ لا سيما أن صفة (رئيس حكومة سابق) لن يغبطك عليها إلا من فقد عقله وأعمى بريق السلطة عينيه...ثم إننا مجبولون على (تطييح القدر)، ولولا امتثالك للصمت المفروض عليك لسمعتهم في الإذاعات ينادونك (سِيدَحْمَدْ) كما يفعلون مع كل (أحمد) يدبّ على أرض هذه الجمهورية السعيدة...! من أحمد نجيب الشابي إلى أحمد شفطر، لكنك كنت أذكى، فخرجت كما دخلت، ولم يذكر لك قول غير عبارة (عزيزي قيس سعيد).
أكتب إليك لأذكرك بحكاية لعلك في زحمة مشاغلك نسيتها، حكاية النعمان بن المنذر أحد أشهر ملوك العرب في الجاهلية. لقد كلف رجلا روميا يدعى سنمار بأن يبني له قصرا عظيما يتباهى به أمام الفرس، فأنجز ذلك بعد سنوات اختلف الرواة في تحديدها، وسمي القصر (الخورنق) وصار أعجوبة من أعاجيب ذلك العصر، لكن النعمان لم يكافئه، بل أمر رجاله بأن يلقوا به من أعلى قمة في القصر... وهكذا صارت عبارة (جزاء سنمار) مضرب الأمثال...
وهم يستعدون الآن (فيما يبدو) للإلقاء بك من نافذة صغيرة في (العلو الشاهق) تذكر هذه الحكاية جيدا، تذكرها واحذر أن يواسيك أحد المنافقين فيقول لك لقد لقيت جزاء سنمار، لا تصدق ذلك مثلما صدقت أنك يمكن أن تكون رئيس حكومة، فإن كانت بعض أفعالنا تشبه أفعال العرب في الجاهلية إلا أن الأمر مختلف كثيرا فلا الرئيس يشبه النعمان بن المنذر ولا أنت بنيت شيئا…
تحياتي وسلامي.