مشكلة الدولة التونسية مع الدين أنها منذ الاستقلال الداخلي عام 55 جعلت من العبادات والشعائر، جزءا من جملة الادوات المعتمدة في خدمة النظام أو بالاحرى رأسه المتسلط..
لم يبن بورقيبة "دولة دينية" لكنه كان يرتدي الجبة والشاشية ويحضر مواكب المولد النبوي الشريف، سواء في جامع الزيتونة أو عقبة بن نافع.. كذلك كان خلفه بن علي، قمع الحريات الدينية وجعل من "التدين" تهمة سياسية لكن اختار لقب "حامي الحمى والدين"...
كذلك هي طائفة عريضة ممن لا "يحبون" أي شكل من أشكال التدين: قلة قليلة جاهرت بمعاداة صريحة واغلبية تركز على تفاصيل تفاصيل التدين مهما كانت..
لذلك أخذ قرار وزير السياحة روني الطرابلسي وقع "الصدمة"، حين كانوا يستبطنون أنه في "الحلف المعادي" للتدين (الاسلامي)، ليجدوا الرجل متناسق مع "التدين اليهودي"، بل يحترم التعاليم التوراتية بخصوص نهاية الأسبوع اليهودي...
في أدمغتهم لا يعدو روني الطرابلسي أن يكون سوى "خوانجي يهودي" (هريسة بالعسل) وجب عليهم (وفق الحملة) حشره في زاوية الظلامية/التطرف/الاصولية. لكن لعبة "الحشر" هذه لا يمكن أن تتم على شاكلة ما يتعاطون مع "التخونيج" لأن النخب اليهودية في تونس وعبر العالم طورت سلاح دفاع يحمل قدرة تدميرية هائلة:
أولا: اليهود (هذه النخب) هي من صنعت الذنب لخصومها ولا أحد قادر (حسب منطقها) على صناعة ادنى ذنب لها. على خلاف النخب المسلمة المتدينة التي سقط اغلبها في التبرير الاستباقي لأي شكل من اشكال الممارسات الدينية..
ثانيا: رغم الاختلاف الاكيد بين المتديين وغير المتديين داخل الفضاء اليهودي، لا نجد الصراع ذاته القائم داخل الفضاء المسلم، حين لا قواعد اشتباك ولا اساليب ادارة لأي اختلاف....
خلاصة: نصيحة مجانية
الذين يعادون حق روني الطرابلسي في ممارسة شعائر دينه عليهم فسخ ما كتبوا في سرعة بل والاعتذار الشديد، لان صنيعهم هذا يدخل تحت طائلة "معاداة السامية" وفق التعريف الاوروربي والامريكي، ومن ثمة سبب وجيه لعدم الحصول على تأشيرة اوروبية غربية او الحرمان من تمويلات المجتمع المدني، دون نسيان الدعوات للسفارات اين الوسكي والكافيار دون حسيب او رقيب..