من صدمتهم سلمية المظاهرات في الجزائر، والحال أن صورة البلاد والعباد في المخيال العربي والعالمي، أقرب إلى العنف منه إلى هذه الوداعة، عليه أن يقضي فترة في البلاد ويلاحظ روح التطوع الرائعة التي لا تزال سارية، سواء في الاعراس والمآتم وحتى إغاثة المحتاج والعابر وابن السبيل.
يحمل الشعب الجزائري في وعيه ريبة من "الربيع العربي" لعلمه ويقينه بفعل المشاهدة المجردة أن الخيارات المطروحة أمام هذه الشعوب من قبل الغرب، الراعي الاول لهذه الثورات ينحصر بين تنصيب دكتاتور "لايت" (يوسف الشاهد انموذجا) أو الذهاب نحو "الفوضى التدمير" الشامل…
في الجزائر هناك يقين لا يتزحزح بأن عمق الجيش والشرطة والسواد الأعظم من الأسلاك الرسمية الماسكة للسلاح وطني غيور، من أبناء الشعب، الذين رفضوا ويرفضون وسيبقون على رفضهم الذهاب في انقلاب عسكري (اوساط فرنسية شجعت ولا تزال على ذلك) ، وكذلك رفضوا ويرفضون وسيرفضون قمع الشعب والتحول إلى عصا في يد أي سياسي مهما علا منصبه.
معادلة يغيب فيها معنى الانتقام من السلطة ومجابهة جهل السلطة بجهل اكبر.
هدد التعيس أويحيى بالمثال السوري، وهو يعلم أن العمق الشعبي مقتنع بل مؤمن بأن من يرفع عصا ضد السلطة فما بالك بالسلاح خائن بالمفهوم الوطني وكافر بالمعنى الديني. أما عن دخول "مسلحين اجانب" من باب و"تعلة نصرة الشعب الجزائر" فالامر مقرف لدى السواد الأعظم لهذا العمق الشعبي المسالم…
اما عن المثال الليبي، بان يكون الخيار بين دكتاتورية القذافي مقابل "ثوار" برعاية برنار هنري ليفي، فالأمر مرفوض من الاطفال قبل الكهول….
المجابهة في الجزائر مع قيادة فاسدة أهدرت المال والزمن وفوتت عشريتين كان بالإمكان ان يحولا البلاد الى جنة على وجه الارض…
ليس للجزائري مشكل او خوف من جيش قوي ومخابرات اقوى وشرطة تملك افضل الأدوات بل رغبة وحلم بصياغة مشروع دولة يجعل هذا الجيش وهذه المخابرات وهذه الشرطة في خدمة الشعب من خلال القانون في دولة الديمقراطية والعدالة والأمن للجميع…
دون مبالغة وبعيدا عن الخطاب الأجوف كل الشروط متوفرة لقيام دولة الحق هذه. الادوات متوفرة والشعب متلهف للعمل. يكفي ان يكون اهل السياسة في مستوى قادة ثورة نوفمبر المجيدة ايمانا وعطاء وخاصة صبرا وذكاء…
المجد والخلود لشهدائنا الابرار…
العزة للوطن…
السلطة للشعب…