مناجاة الحبيب في ذكرى مولده

Photo

نفسي تهفو إلى لقائك يا محمد أقف أمامك وأغمض عيني وأسافر في التاريخ لأشاهدك صابرا صبورا تليّن قلوب الصخر البشري.

عشت طفولتي وشبابي في بيئة مسلمة؛ لكن أسئلة قلقة ظلت تقض مضجعي:

- يفاخر الناس بفعل الخير طمعا في الثواب وخوفا من العقاب؛ لكن أين حب الإنسان لأخيه الإنسان في الحكاية؟

- يدرسوننا أن خلفاء تاريخنا الإسلامي؛ أثخنوا سيوفهم في الكفار؛ قتلوا كثيرا وسبوا كثيرا وعادوا محملين بالغنائم. وكانوا أتقياء يحجون عاما ويخرجون للفتوحات عاما.... يا إلهي قتلوا كثيرا وسبوا كثيرا وكانوا أتقياء". أي تقوى هذه!!! أي رب هذا الذي لا يرتوي من دماء خلقه!!!

كبرت ونضجت نسبيا..... قرأت كثيرا بلا وجل كل ما وقع بين يدي من كتب..... التهمت مئات الكتب وخصوصا التي أعلن أصحابها إنتصار الإنسان على الأديان والكهان والآلهة المتعطشة إلى الدماء والقرابين بما فيها الإنسان…

قررت ألا أرهب الغوص بعيدا بعيدا عنك عساي ألقتيك هناك لأني رافض مطلقا العودة إلى الماضي كما يفعل من أعلنوا أنفسهم عسسا وحراسا لرب علّمتَنا أنه يحمينا ولا يحتاج لمن يحميه!!!

إليك عصارة ما توصلتُ إليه خلال عقدين ونيف من السباحة بعيدا عنك:

- فلاسفة تحرريون يعلنون أن شعوب الأرض محتاجة إلى التعايش على قاعدة مشترك أنسني لا اضطهاد ولا استعباد ولا إستغلال فيه.... حرية الإنسان أولا وأخيرا.... الإنسان سيد مصيره وقائد معركة تقرير مصيره…

- علمانيون تحرريون يفكون الارتباط بعلمانية كولونيالية تبشيرية قتلت الإله لتحل رأس المال ربا؛ معلنين ميلاد علمانية تحررية مهمتها مقاومة القيصر والكاهن معا.

- قساوسة تحرريون يفكون الارتباط بكنائس كهنوتية لطالما تواطأت مع جرائم رأس المال الغازي؛

وأعلنوا لاهوت تحرير منحاز إلى معارك تحرير الأرض والإنسان.

عاودت تدبر القرآن فوجدته يعلن:

- لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

- ولقد خلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند ألله أتقاكم.

وما التقوى؟

- احكموا بين الناس بالعدل ولا تتبعوا أهواءكم.

وما أنزل الله؟

- إذا حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل. وشاورهم في الأمر.

وما الأمر؟

- تدبير شؤونهم ودنياهم؛ ولو كنت فضا غليظا لانفضوا من حولك.

- ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون.

وما أنزل الله؟

- لم ينزل الله نظاما للحكم؛ فتلك من متغيرات السياسة؛ وإنما أنزل قيما للحكم هي من ثوابت السياسة الخالدة ( العدل والشورى والمساواة أمام القانون.)

ومن هم الكافرون؟

- هم المشركون بالله.

ومن المشركون بالله؟

- هم المستبدون أي المتألهون في الأرض؛ إذ لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ بيان حرية للبشر في مواجهة كل حاكم متسلط.

- الملك لله والانسان متصرف فيه بما لا يغضب الله.

وما يغضب الله؟

- ظلم الإنسان لأخيه الإنسان تجويعا واستغلالا وترويعا، فالله غني حميد عمن آمن ومن كفر.

يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء؟

وما الكلمة السواء؟

- ألا نشرك بالله شيئا.

وما الشرك؟

- أن يتأله بعضنا على بعض.

* فضلك يا محمد أنك وضعت حدا لأديان آلهة لا تشبع من دماء القرابين... وضعت حدا لأديان تزعم أن للآلهة حقوقا على حساب البشر.

* فضلك يا محمد أنك بشرت بدين رب غني حميد عمن آمن ومن كفر تكريسا لحقوق البشر. إله ليس كمثله شيء احتراما لعقول البشر.

* فضلك يا محمد أنك حرضت على قيم كانت في حكم المستحيل التفكير فيه في زمانك... قيم دفعت الإنسانية قرونا طويلة من بعدك للحديث عنها باسم حقوق الإنسان وباسم الشيوعية وباسم الديمقراطية ومازالت المعركة دموية لتصبح حقا مشاعا لكل البشر!!!

* الآن أفك الارتباط بلا أسف بفقه القبيلة وذكور القبيلة المحاربين الذين استباحوا النساء والمواريث والشورى والعدل والمساواة والتعارف؛ ولفقوا آلاف الأحاديث نسبوها إليك لتبرير اطماعهم الدنيوية؛ سبيا وغزوا وظلما واستعبادا وتسميته شرع الله!!!

* الآن أعلن أنك رسول الرحمة ورسول الخلق الحسن ورسول المقاومة.

* الآن أفاخر بإيماني بعد عقود من القلق والارتباك.

* الآن فقط صرت أميز بين ماض إمبراطوري لا أجرّمه (فذلك إسقاط لا تاريخي( لكني أيضا لا أقدسه ولا أحلم باستعادته (فتلك أوهام وعصاب وهذيان.)

* ليس لي من رغبة غير زيارتك في مدينتك للبكاء طويلا في حضرتك للتخلص عن غصة تخنقني؛ فأمّتك هذي الأيام أهلُها في أسفل سافلين؛ مغتربون عن زمانهم وعن وصايا القرآن الذي يرتلونه كالمشعوذين.... ويتسلط عليه كهان جهلة مجرمون..... ترى هل آمن المسلمون!!!

مكة قبلتك والمدينة التي نصرتك في قبضة اعراب الجاهلية.......

ومسْراك في قبضة الصهيونية.....

ويزدجرد يغزونا ورايته قميص حبيبك الحسين....

العدل مفقود والظلم يسود.

سلام عليك يا حبيبي يا محمد.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات