تنص الفقرة الثانية من الفصل 110 من مشروع دستور قيس سعيّد على ما يلي : " لا يُسْأَلُ رئيس الجمهورية عن الأعمال التي قام بها في إطار أدائه لمهامه ".
يبدو واضحا أنّ هذه القاعدة مستوحاة سواء على مستوى الصياغة أو المضمون، من الآية القرآنية 23 من سورة الأنبياء، و نصها : "لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْأَلُونَ" ؛ وتفسيرها بإيجاز هو أنّ " الخالق لا يُسْأَل عن قضائه في خلقه، أي لا يُحاسَب من قِبَل أيّ كان، وهو يسأل أي يحاسب الخلق عن أسرارهم وأعمالهم…".
وهذا يدخل عند الأشعرية وهي التيار الكلامي-العقائدي المهيمن عند أهل السُنة من المسلمين، في صفات الربوبية التي تقتضي التوحيد أي التسليم بتفرّد الربّ بأنه مالك كل شيء، وسيّد الكون والعالمين، و مدبّر الأمور كلها، و مصَرِّف الشؤون جميعا… فلا يسأله أحد في تدبيره لأمور المخلوقات، ولا يُحاسبه أيّ كان في تصريفه لشؤون العباد…
الرئيس قيس سعيّد يبدو في مشروع الدستور الذي سنّه لنفسه، بمثابة الرب الذي "يضبط السياسة العامة للدولة" (الفصل 100) فيتفرّد بالتالي بتصريف شؤون البلاد والعباد دون أن يُسْأَل عن ذلك. في حين أنّ "الحكومة مسؤولة عن تصرفها أمام رئيس الجمهورية" (الفصل 112) ؛ ويتمثّل تصرَّفها في أنها "تسهر على تنفيذ السياسة العامة للدولة طبق التوجهات والاختيارات التي يضبطها رئيس الجمهورية" (الفصل 111).
فهو حينئذ الرئيس-الرب الذي لا يُسِأَل عما يفعل، وما دونه من العباد يُسْأَلون…