تلقى رئيس سلطة الانقلاب أول أمس، الاثنين 1 أوت 2022، تقرير التدقيق المالي في مآل القروض والهبات الأجنبية التي تحصلت عليها الدولة التونسية منذ ثورة 2011، والذي كان طلبه من الحكومة في شهر أكتوبر الماضي.
وبطبيعة الحال، لم تقم لا مصالح رئاسة الدولة ولا مصالح وزارة المالية بنشر التقرير المذكور، وذلك لسبب بسيط يتمثّل في أنه وخلافا لما ادعى قيس سعيّد وأنصاره، لم يجد المدققون ما يدين الحكومات التي تعاقبت على تسيير الدولة منذ 2011 ؛ لم يكتشفوا الجرائم المزعومة، لم يجدوا لا سرقات ولا تحويل وجهة أموال عمومية ولا استيلاء على قروض وهبات تحصلت عليها الدولة...
لقد بنى قيس سعيّد أسطورته الانقلابية على فكرة بسيطة وساذجة تتمثّل في استفحال الفساد والرشوة والسرقة في الدولة... صدّقه كثير من التونسيين والتونسيات، لا أحب أن أقول "السذج" لكنهم فعلا كذلك... ثم في كل مرة، يكتشف قيس سعيّد خطأ روايته... ورغم ذلك، لا يعترف بخطئه ولا يعتذر للذين أساء لهم، بل يتمادى في مخادعة السذج من التونسيين والتونسيات...
قبل 25 جويلية 2021، كانت ثمة دولة تونسية ومؤسسات وهياكل رقابة... أنا كنت ضد تلك المنظومة القائمة لا فقط منذ الثورة ولكن، منذ أوائل التسعينات... غير أنه لم يكن ثمة لا فساد ولا أيّ شيء من هذا القبيل، بل فقط خيارات سياسية وتوجهات اقتصادية واجتماعية قابلة للنقاش، بل وخاطئة في ظني، وأهم ما هو قابل فيها للنقاش، هو أنه لم تتم مناقشتها نقاشا عموميا وعلنيا ؛ وجزء هام من الشعب هو المتسبب فيها بخياراته الانتخابية بعد 2011 ؛ ولكن، لم يكن هنالك لا فساد ولا سرقة، بل كانت ثمة دولة قائمة ومؤسسات وهياكل رقابة...
أما عشرية التخريب الحقيقية، فقد انطلقت منذ أكثر من عام، تخريب الدولة وتفكيك مؤسساتها... رئيس الدولة أصبح سيّد الدولة، لا يحترم أيّ قانون، لا يتقيّد حتى بالمراسيم التي أصدرها هو... الجمهورية التونسية تحولت إلى جمهورية الموز...