أعتقد أنّ الشّعب التّونسي في غالبيته جاهز نفسيّا للدكتاتوريّة. مثلاً، كثيرون يتبنّون فكرة إنّنا كشعب لا تنفع معنا إلاّ العصى كوسيلة للحكم غير مدركين أنّهم بذلك وضعوا أنفسهم و وضعونا في مرتبة البهائم.
ربّما تفسير ذلك يكمن في اللاّوعي الجمعي الذي تكوّن بعد قرون عديدة و الشّعب التّونسي يرزح تحت الحكم الشّمولي العضُوض و من بعده أكثر من سبعين سنة إحتلال خارجي و بعده قرابة سبعين سنة من الإحتلال الدّاخلي (بعضنا إحتلّ البعض الآخر).
لا بدّ أن يترك هذا كلّه أثرًا عميقًا في وعينا و في شخصيتنا و في تصوّرنا لعلاقة الحاكم بالمحكوم. لذلك أي شخص يُبدي "حزمًا" أو قوّة تجاه "الفاسدين" و "المتآمرين" نحبّه و نجلّه و ننحني أمامه لأنّه بكل بساطة يذكّرنا في الصّورة النّمطيّة عن الحاكم "القويّ" صاحب "العصى". للأسف هذه الصّورة إنطبعت في اللاّوعي الجمعي عند أكثرنا.
هؤلاء حالهم تقريبًا كحال عبدة العِجل. الإله الغير مرئي هو فكرة مجرّدة هم غير قادرين على فهمها و الإيمان بها. هم بحاجة "لعجل" يرونه و يلمسونه و يسمعون خواره. كذلك هي فكرة الدّيمقراطيّة و دولة القانون. لا يقدرون على تصوّرها و من ثمّ الإيمان بها.
هم بحاجة "لزعيم" يكون هو "الدّيمقراطيّة" و هو "القانون" و لا يهمّهم بطشهُ و ظلمهُ لأنّهم على كلّ حال لن يتجرّؤوا على معارضته أو مخالفته...فالحاكم بالنّسبة لهم، تعريفًا، هو يُسمع و يُطاع فقط....