من أخطاء الماضي مقاربة إصلاح القضاء على أنه مراجعة لوضع القاضي.. والحال ان ما يتعين إصلاحه هو العدالة.. فلا فائدة من تنظيم وضع القضاة دون إصلاح الضابطة العدلية (التي تتحكم بشكل كبير في الدعوى الجزائية) ووضع مساعدي العدالة كالمحامين وعدول الاشهاد و الخبراء العدليين واامترجمين المحلفين َالمستشارين الجبائيين...(حالة فوضى حقيقية تعيشها هذه المهن)..
لذلك أرى ان اولى بذرات الإصلاح و المتعلقة بالمجلس الأعلى للقضاء يجب أن تتجه نحو تحويل هذا الهيكل إلى مجلس اعلى للعدالة conseil supérieur de la justice... لأن الهدف من اي نظام قضائي هو المتقاضي بالأساس.. حتى نخرج من التقوقع السلكوي corporatiste..
لذلك وجود ممثلين عن كل مهن العدالة داخل المجلس الأعلى للعدالة مسألة مهمة..
وهذا لا يمنع من وضع ترتيبات داخلية عبر استحداث هيئات داخل المجلس تراعي خصوصية كل قطاع في مجالات محددة كالتأديب و الترقية.. أما الدور الترتيبي و إصلاح المنظومة بمختلف مكوناتها فلا بد أن تساهم كل المهن القانونية أو مهن العدالة فيه…
وفي مقابل ذلك يجب أن يتواجد القضاة في هياكل المهن الأخرى إذ لا معنى لتمثيل المحامين والعدول في مجالس القضاء ولا يشارك القضاة في هياكل مهن العدالة الأخرى كهيئة المحامين. حتى تعطى للتمثيلية دورا انبل واسمى من أن يكون تمثيلا "مصلحيا سلكويا" ضيقا... إذ الغاية هي نجاعة نظام العدالة وخدمتها للمتقاضي لتحقيق العدالة وايصال الحقوق لأصحابها اما مصالح المهن فهي هامة لكنها وسيلة وليست غاية...
ومن حيث التمثيلية داخل المجلس الأعلى للعدالة يجب تراعى بعض المعايير الموضوعية كالخبرة و الشهائد الجامعية... والانجازات..
كلمة أخيرة… هذه الإصلاحات لا معنى لها ولن تنجح ما لم يصادق عليها مجلسا تشريعيا منتخبا.. لأن العدالة هي هاجس الجميع.. وليست مشروعا شخصيا…وما يتردد هذه الأيام من اعتزام رئيس الدولة القيام بهذه المهمة.. لا مستقبل له لأنها لا تعدو ان تكون مجرد خلطة تم اعدادها في مطابخ مغلقة…لا دور للرأي العام فيها..