فيما جعلت العديد من الدول (إيطاليا تركيا المغرب أسبانيا مالطة مصر... كينيا...) الغابات والشواطئ قبلة المستثمرين والسياح.. وحولت تلك الثروات الطبيعية من أماكن موحشة ومقفرة إلى فضاءات تنبض بالحياة والأمان لروادها، لا تزال شواطئنا وغاباتنا محرمة لا فقط على المستثمرين، بل حتى على سكانها الأصليين…وأصبحت ملاذا للهاربين من العدالة و الجلسات الخمرية المعربدة..(حديقة البلفيدير مثالا)..
كل يوم نصحو على هدم مشاريع سياحية بالغابات والشواطئ، آخرها مطعم ممتاز بجهة غار الملح... السبب الذي يقع اجتراره ...معروف...احترام البيئة أو مخالفة القانون. لعدم الحصول على الرخصة أو لمخالفة بعض شروط الترخيص… وهذا في الغالب صحيح...لكن....
لكن ذلك لا يعدو ان يكون الشجرة التي تخفي الغابة.. لاعتبارات عديدة:
1. إصرار الادارات المختلفة (الغابات البيئة البلديات) على عدم الموافقة على اغلب المشاريع بتعلة المحافظة على البيئة لا تصمد أمام القانون نفسه الذي يخول بعث المشاريع بالغابات والشواطئ بشرط احترام جملة من الشروط... علما وان مخالفة الشروط لا يعني رفض المشروع بل إنارة سبيل صاحبه كيف يستجيب لتلك الشروط... كما أن مخالفة شروط الترخيص تقتضي إزالة تلك المخالفات وليس تحطيم المشروع بأكمله…
2. تلكؤ الإدارة في مراجعة أمثلة التهيئة العمرانية لاغلب المدن السياحية (الحمامات مثلا لم يراجع المثال منذ 1977!!!)...ثم وقوفها أمام أصحاب المشاريع وطالبي رخص البناء بدعوى عدم تلاؤم مشاريعهم مع أمثلة التهيئة... هو في الحقيقة ادانة للإدارة التي أصبحت عائقا أمام التنمية... وكان أحرى بها تجاوز تعقيدات المصادقة و المراجعة لأمثلة التهيئة العمرانية…
3. اغلب المشاريع التي يقع اجهاضها تسقط بسبب الابتزاز والفساد... وتكون مخالفة القانون مجرد تعلة واهية…
إحدى كبرى المشاريع بجهة الشمال رفضت بتعلة ان منطقة المشروع تصنف كمنطقة تثبيت رمال fixation des dunes والحال ان مكونات المشروع نفسه (مراكز ترفيه مثبتة بالخشب الطبيعي) تساعد على تثبيت الرمال...!!!
4. وهذا أخطر ما في الموضوع... لقد أصبحت معركة مكافحة الفساد مجرد توظيف سياسي لشعار يتم تنفيذه بدون رؤية حقيقية بل مجرد تبجح بتطبيق القانون على ظهور الضعفاء واصحاب المبادرة والمستثمرين ممن لا حزام سياسي يحصنهم من التجاوزات والحال ان الفساد ينخر عديد المؤسسات المكلفة بتطبيق القانون عليهم...مما جعل هذه الحملة أقرب الى التهافت والهوس بخطاب أكثر منه تحقيقها الهدف الاسمى...
5. بعض قرارات إزالة انتصاب بعض الباعثين بالشواطئ تبرر بفسح المجال لعامة المصطافين لاستغلال الشواطئ...والحقيقة ان أكثر الملوثين هم المصطافون الذين لا يتقيدون باية ضوابط في رمي الفضلات... في حين يخضع المستثمر إلى ضوابط ومراقبة... علما وأنه بخصوص الشطط في الأسعار فإنه يمكن ضبطه صلب عقد اللزمة... سدا لذريعة عدم قدرة المصطافين على مجابهة مصاريف كراء الشمسيات و الكراسي وثمن الاطعمة…
ويكفي ان نحيل إلى الشواطئ الواقع تسويغها لمعاينة الفرق بينها وبين الشواطئ المتروكة للعامة... (وكفى شعبوية من فضلكم)…
في كلمة.. ما نشاهده من هجمة شرسة على صغار المستثمرين تحت شماعة مكافحة الفساد و تطبيق القانون...لن يساهم الا في مزيد تعزيز طابور العاطلين عن العمل.. وتزويد الجريمة المنظمة بحرفاء جدد...طالما أن عنجهية الإدارة تغطي في الحقيقة عجزها.. عن توفير مناخ الاستثمار المناسب وتعاطيها مع أصحاب المبادرة بالإحباط وتثبيط العزائم وقطع ارزاقهم... اذ لو كنا في وضع ترتيبي واداري سليم وعادي.. لكان سيف القانون هو سيد الموقف.. لكن اين نحن من ذلك الوضع!!!