كنت بصدد كتابة مقال عن الاستثمارات الاماراتية الكبيرة في صربيا وبخاصة في المجال العسكري ومحاولة قراءة السياسة الخارجية الإماراتية التي تسير في اتجاهات متقاطعة ومحاولة قراءة تأثيراتها على بلادنا ومنطقتنا وقضايانا عندما قرأت خبر يؤكد قرصنة البريد الاكتروني لسفير الامارات في واشنطن وهو رجل ولي العهد محمد بن زايد و كان مديرًا للشئون الدولية لديه والمشرف على التسويق له لدى صناع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية.
لم أستغرب خبر التسريبات بل كان هذا وغيره كثير متوقع منذ بدأنا رصد التحولات في السياسات الاماراتية و أعتقد بأن المستهدف الرئيسي هو محمد بن زايد الذي يتهمه الكثيرون بفتح جبهات لا قدرة للبلاد على تحملها بدأت بقيام محمد بن زايد آل نهيان، ولي العهد بفرض خيارات وسياسات أوجدت له خصوم كثر في الداخل والخارج.
ففي حين يتهمه خصومه في الداخل بمحاولة القيام بانقلاب من خلال فرض العزلة والحصار على رئيس البلاد الشيخ خليفة مع القيام بتعيينات وتسميات لمساعدته على السيطرة على الوضع فان فتح العديد من الجبهات الخارجية أوجد له ولبلاده خصوم آخرين لا طاقة للدولة الصغيرة على تحمل تبعاتها ويعتبر كثيرون بان أجندات الرجل الاقليمية والدولية أوجدت واقع يصعب على الإماراتيين الخروج منه على المدى المتوسط والبعيد.
فالرجل يعرف بالكراهية العميقة للإسلام السياسي وهو من الداعين للأستئصاله والقضاء عليه ان استطاع ووصل به الأمر الى حد معاداة ومحاربة كل من يقف في صف الربيع العربي ومخرجاته ولعل خير دليل هو التصادم المباشر مع قطر مؤخرا والاتهامات التركية للأمارات بدعم محاولة الانقلاب الفاشل.
والغريب هو المواقف المتشددة تجاه حقوق الشعب الفلسطيني و تماهي السياسات المتبعة مع السياسات الأسرائيلية المعلنة وصل الى حد اعلان السلطات في غزة عن كشف شبكة تخابر اماراتية تعمل تحت غطاء خيري كما كان ولي العهد من الأوائل الذين قاموا بتصنيف المقاومة في فلسطين ووصفهم بالإرهاب قبل أن يتبنى ترامب ذلك علنيا كما يعرف عنه الموقف المتماهي مع ترامب تجاه إيران وله مواقف وصفها الأتراك بالمعادية وتنظر مراكز بحث ودراسات روسية لتعاظم الدور الأمراتي والاستثمارات الكبيرة في صربيا على أنه خدمة للأمريكان وللحلف الأطلسي خاصة وأن الجزء الأكبر من هذه الاستثمارات يخص الصناعات الحربية.
وكانت للأمارات خلال الفترة الماضية تدخلات ومواقف وممارسات غير ودية وغير مفهومة تجاه كل من تركيا وقطر ومالي وموريتانيا وتونس وعمان هذا فضلا عن الاعتداء المسلح وقصف مواقع في كل من ليبيا وسوريا والمشاركة في الحرب في اليمن وتمويل عمليات الجيش المصري ضد درنة حاليا وتمويل جزء هام من صفقة السلاح الفرنسية للجيش المصري مما يطرح أكثر من تساؤل عن مغزى ورسائل سياسة حكام الأمارات العربية خاصة مع توقف المطالبات باسترجاع السيادة على جزر طنب الكبرى والصغرى التي تحتلهما ايران بحسب الرواية الأمراتية الرسمية .
وللتذكير فقد سبق و كشفت رسائل بريد إلكتروني إماراتية مسربة عن قيام الإمارات العربية المتحدة بشحن الأسلحة لحلفائها في النزاع القائم في ليبيا في انتهاك منها للحظر الدولي على السلاح، بالإضافة إلى قيامها في الوقت نفسه بالتعاقد مع مبعوث الأمم المتحدة الى ليبيا الأسباني بارناردينو والذي كشفت تسريبات اعلامية عن اهمية الخدمات التي كان يسديها للأمراتيين مقابل امتيازات كبيرة .
وتأتي التسريبات الجديدة في الوقت الذي تخوض فيه البلاد معركة طاحنة مع جارتها قطر ومع تزايد كشف ملفات موظفين أممين و مسؤولين كبار وجمعيات على علاقة بالتمويلات الأمراتية المشبوهة وتخضع الآن للمساءلة القانونية في عدد من البلدان منها سويسرا .