فلسطين بين عدالة القضية ومحاولات التصفية المشبوهة

Photo

يصادف عام 2017 الذكرى المئوية لوعد بلفور. لقد مرت مائة عام على صدور وثيقة الحكومة البريطانية سيئة السمعة التي وعدت يهود العالم بإنشاء "وطن" أصبح فيما بعد يعرف باسم "إسرائيل". ورأت العديد من الجهات في هذه الوثيقة فرصة للتخلص من الجاليات اليهودية التي عاشت في أوروبا لعدة قرون.

ومثلت المبادرة بالنسبة إلى مؤيدي الصهيونية الفرصة لإنشاء دولة تحميهم من الاضطهاد. وأما بالنسبة للفلسطينيين والعرب، ضحايا الصهيونية، فقد جلبت لهم الاستعمار والدمار وسلب الممتلكات.

وتمثلت عبقرية المشروع الصهيوني في نجاحه في التأقلم الكامل مع المشاريع الاستعمارية الأوروبية، والبريطانية تحديدا، وتقديم نفسها كحركة تدعم مصالح هذه القوى. وعلى هذا النحو، أعلن هرتزل أن الدولة اليهودية ستكون "حصنا منيعا ضد البربرية الآسيوية".

وقد استخدم وعد بلفور بعد ذلك كأداة من قبل الحركة الصهيونية لنشر تدفقات الهجرة اليهودية غير الشرعية في فلسطين. وشجعت وسائل الإعلام الصهيونية هذه الهجرة واسعة النطاق وكانت تصف المهاجرين اليهود بأنهم "الفقراء" و "المستضعفين".

وفي حين بلغت الهجرة اليهودية إلى فلسطين ذروتها في عام 1940، فقد أظهر من وصفوا بالفقراء والمستضعفين نيتهم الحقيقية وشنوا حربا وحشية ضد السكان الأصليين الأبرياء في فلسطين ودمرت العصابات اليهودية شبه العسكرية (أرغون، ليحي، الهاغاناه والبالماخ) أكثر من 530 قرية في حين قتل وشرد مئات الآلاف من الفلسطينيين.

ومن المفارقات، أن هذه الجماعات الإرهابية العنيفة شكلت أساس ما نعرفه اليوم باسم قوات الدفاع الإسرائيلية. وفي الواقع، فقد ظهرت تلك الوحشية في أحدث الهجمات على غزة، حيث قتل مئات الأطفال الأبرياء خلال السنوات 2008، 2012، و2014.

ومن المضحك حقا أن نرى الحكومات الإسرائيلية تحاول أن تجعلنا نعتقد بأن "إسرائيل" هي الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، في حين أن التاريخ كان شاهدا دائما على الوسائل المتبعة لإنشاء "إسرائيل" كدولة متعطشة للدماء.

فالحديث عن "استقلال إسرائيل" هو وسيلة لخداعنا. فالقصة واضحة، إذ تأسست "إسرائيل" باستعمال القوة الغاشمة والقتل والتشريد. فهذه هي الحقائق التي تحاول الدولة الإسرائيلية إخفاءها باستخدام آلة دعائية تعتمد الكذب والتضليل.

ويعد تشريد شعب لإقامة دولة لفئة معينة أمرا غير مقبول أخلاقيا. فاستيطان السكان اليهود في فلسطين على حساب الفلسطينيين غير أخلاقي ولا يمكن تبريره.

ومنذ عام 1947، تاريخ التصويت على تقسيم فلسطين إلى دولتين (واحدة يهودية والأخرى عربية) من قبل الأمم المتحدة في إطار القرار 181، تعرض الشعب الفلسطيني لسلب أراضيهم وممتلكاتهم، والطرد وسوء المعاملة، وأصبحوا بلا جنسية. ولذلك، فقد حان الوقت بأن يظهر المجتمع الدولي بعض الشجاعة السياسية ويدعم المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني.

وتعني النكبة الكارثة، والعذاب والتمييز ومع ذلك ما زال الفلسطينيون يطالبون بالعودة واستعادة وطنهم.

ولن يتحقق أي سلام في الشرق الأوسط طالما لم تحقق العدالة للشعب الفلسطيني وهذا يتطلب بالضرورة تطبيق القانون الدولي فيما يتعلق بحق العودة للفلسطينيين إلى ديارهم واستعادة ممتلكاتهم، وانسحاب قوات الاحتلال من كافة الأراضي المحتلة، بما فيها القدس ، وبإعلان دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة.


أنور الغربي:

*خبير في العلاقات الدولية

*مدير في مجلس جينيف للعلاقات الدولية والتنمية

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات