لم تعلن السلطات السعودية تفاصيل الجولة الخارجية للأمير محمد بن سلمان ربما خشية احراج الجهات التي سيلتقيها خصوصا وأن الزيارات جاءت بطلب منه بما يعني في العرف الديبلوماسي التقليل من أهمية الزيارة .
وإلى حد الآن لا نعرف سبب التخلي عن زيارته للمالديف الاسبوع الماضي. وذكرت بعض التقارير الغربية بأن ولي العهد يخشى مغادرة البلاد بسبب الملاحقات القضائية التي ربما تطاله في الدول الديمقراطية وأيضا خوفا من ترتيبات قد تحدث داخل المملكة لعزله اثناء غيابه.
وان كان استقباله من طرف حلفائه وشركائه في حرب اليمن وحصار قطر وانقلاب مصر وحماية ملك البحرين مفهوما، فان زيارته المعلنة لكل من تونس والجزائر تطرح تساؤلات كبيرة ترجمت الى غضب شعبي عبر عنه المجتمع المدني بأشكال مختلفة حتى قبل الزيارة.
فزيارة ولي العهد السعودي لتونس في الظروف الحالية هي بمثابة خذلان للحرية والعدالة والكرامة التي ثار من أجلها الشعب التونسي وناضل من أجلها أجيال. وهي تمثل بالمفهوم السائد تطاولا على ارادة الشعب وحرية الكلمة والتعبير التي يرى الناس بأن ولي العهد السعودي يحاربها بأشكال عنيفة ومقززة و غير مسبوقة.
ولن يرحم التاريخ مرتكبي هذه الجرائم ضد الحقوق والعدالة والإنسانية أكان فاعلا أو متعاونا أو متجاوزا. وللتذكير فان الرجل الذي أهان التونسيين وأذلهم وأفقرهم لازال يعيش في جدة وترفض السعودية تسليمه رغم صدور بطاقات جلب عديدة بحقه.
والشعبين اليمني والبحريني اللذان أرادا سلوك النهج التونسي في التعبير السلمي تم اسكاتهما بطرق غاية في البشاعة تصل الى حد الابادة في الحالة اليمنية. أما دعاة الاصلاح والعدالة وحقوق المرأة الذين ساند الكثير منهم الثورة التونسية فهم مغيبون في السجون والمنافي وينتظر بعضهم أحكاما بالاعدام ربما تنفذ في حالة الدعاة الثلاث.
كما أن القضية الفلسطينية التي طالما دافع عنها الشعبان التونسي والجزائري يتم خذلانها اليوم عبر مخططات وصفقات مشبوهة ودموية بلسان عربي وبأدوات عربية. وتؤكد كل المؤشرات الحالية أنه لا توجد مصالح مهمة لتونس والجزائر للقبول بولي العهد السعودي في مثل هذه الظروف حتى وان طلب هو الزيارة خاصة وان البلدين مقبلين على انتخابات.
وبالإضافة إلى ذلك فإن التبادل التجاري الحالي بينهما والسعودية ضعيف وهناك حركية ربما تؤدي إلى تغييرات تساعد على تعاون جدي بعيدا عن سياسة الرشاوى والمال الفاسد. وبالنسبة إلى الحالة في تونس، فان ضعف الرد الشعبي والمجتمعي على زيارات مشبوهة سابقة لأشخاص تورط بعضهم في عمليات قذرة، شجع رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي على المضي في نفس السياسات من أجل الحفاظ على أوراق يستعملها ضد خصومه السياسيين وخاصة من الاسلاميين.