ماهي قيمة هذه الأشجار العالية في حديقة سان جايمس بلندن و ضلها اللطيف في هذا اليوم الربيعي؟ أردت أن أحكي اليوم عن موضوع مهم لا يناقش في تونس وهو تكلفة التلوث و إنبعاث ثاني أكسيد الكربون، موضوع يناقش كثيرا منذ سنوات في أوروبا، يأخذ زخما وتطورات هامة بعد أن أصبحت غالبية الشركات و الأسواق المالية تعطي هذا الموضوع إهتماما كبيرا.
لي إقتناع كبير أن الحد من الإحتباس الحراري في العالم يتطلب أن يوضع ثمن و كلفة لإنبعاث غازات الكربون كضريبة على القطاعات الملوثة و تحفيز لأي نشاط يحد من التلوث كغراسة الأشجار أو تركيز محطات توليد للكهرباء من الطاقات المتجددة كالشمسية و الرياح.
خلق الإتحاد الأوروبي سوقا لهذا الغرض وهي تتمثل في حق إصدار طن من ثاني أكسيد الكربون حيث يكون لكل قطاع صناعي quota من أطنان إنبعاثات الكربون كل سنة مجاني و هذا quota المجاني يتقلص كل سنة في حين تبيع الحكومات حقوق تلويث إضافية للشركات بالمزاد العلني ليتحدد سعر إصدار طن من ثاني أكسيد الكربون في السوق و يمكن للشركات بيع هذه الحقوق بينها.
يصبح إذا للدولة مدخول كضريبة على التلوث و يقع تحديد سعر لهذا النوع من التلوث في نفس الوقت يدفع هذا المنوال على حث الفاعلين الإقتصاديين على الإستثمار للحد من الإنبعاثات الغازية عوض ضريبة سنوية لإشتراء حق التلويث. برهان نجاح هذا النظام هو ارتفاع كلفة إصدار طن من الكربون من 10 أورو في 2017 إلى أكثر من 50 أورو حاليا و يتوقع أن يواصل إرتفاع كلفة حقوق إصدار الكربون في الهواء في المستقبل.
إلى جانب حقوق التلويث التي تصدرها الدول، هناك زخم أيضا لتطوير منظومات غير حكومية و عالمية لتحفيز المشاريع اللي تحد من إنبعاثات الغازات، هناك منظومتان معروفتان (Verra و Gold Standard) تقومان بتقييم المشاريع و إعطائها حق إصدار Verified Emissions Reduction VER certificates وهي عبارة عن ضمان أن كل certificate يصدره المشروع ساهم في تقليص إنبعاث طن من ثاني أكسيد الكربون، يقوم المشروع ببيع هذه الcertificates لأي إنسان راغب تطوعا في تمويل هذه البرامج التي تقوم بزراعة الأشجار، الحد من تحويل الغابات إلى حقول أو مدن، وغيرها من أنواع المشاريع.
عدد المشاريع التي تصدر صكوك تثبت أنها قلصت إنبعاث الكربون في إرتفاع هام في أغلبية البلدان النامية فهي طريقة فعالة لدفع الإستثمار وجلب العملة الصعبة، الطلب أيضا في إزدياد ربما تلاحظون عند شراء تذكرة طيران أنه يمكن دفع معلوم لتعويض إفرازات الكربون المتأية من الرحلة، هذه الأموال تمول مثلا مشروعا لغراسة الأشجار في كينيا أو تمويل محطة إنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية في مصر.
لا يوجد إلا مشروع واحد في تونس طلب الحصول على المطابقة بأنه يساهم في تقليص إفراز الكربون وهي محطة إنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية في تطاوين، قامت شركة Eni بطلب التحصل على المطابقة من منظومة Verra.
هذا سوق كبير ينشأ بسرعة، لا يتحدث عنه التونسيون بتاتا في حين أرى مقالات كثيرة على العملات الرقمية. أريد أن نبعث برنامج لغراسة الأشجار عوض شركات البستنة المنعدمة الإنتاجية بتمويل من من يريدون حماية الأرض و تقليص إنبعاثات الكربون. قيمة الأشجار كبيرة و تكبر أكثر بمثل هذه المنظومات الناشئة.