المشكل الأساسي للشركات العمومية في تونس هو التراجع الكبير لقدرتها على الإستثمار و هو من أكبر حواجز تقدم تونس، أحاول هنا نشر أهم الأرقام لواحدة من الشركات التي لا تعاني مشاكل كبيرة حاليا و لكنها لن تكون قادرة على المدى المتوسط و البعيد على الحفاظ على المكتسبات الحالية و تطويرها.
الشركة التونسية للطرقات السيارة:
قامت الشركة بتهيئة 3 طرقات سيارة تعبرها أكثر من 150,000 عربة يوميا و لم تستطع إلى اليوم إيصال الشبكة إلى الحدود الجزائرية و الليبية. وضعت الدولة رأس مال فاق المليار دينار و وقع تمويل المشاريع أيضا من قبل ما يسمى في تونس bailleurs de fonds (BAD, BEI,...) بالعملة الصعبة بأكثر من مليار دينار إضافي.
تستخلص الشركة معاليم عبور لم يقع مراجعة سعرها منذ سنين رغم التضخم و إرتفاع الكلفة، معدل المداخيل لكل عبور هو 1.5 دينار منذ أكثر من عقد.
تكاد أن تغطي المداخيل التي بلغت 86 مليون دينار سنة 2018 أعباء الاستغلال التي يتكون النصف من أجور و النصف الآخر من صيانة. لا تغطي المداخيل الأعباء المالية للديون حيث تتزايد كل سنة خسائر الشركة بسبب تراجع الدينار و ثقل حجم الدين بالعملة الصعبة حيث خسرت الشركة حسابيا 100 مليون دينار سنة 2018 و تزايدت ديونها ب 300 مليون دينار في 2018 فقط، تضاعفت قيمة الديون في 3 سنوات و لم تتطور المداخيل كثيرا.
طبعا الشركة لها أصول لها قيمة وهي حق إستغلال الطرقات السيارة لكنها لا تضع سعر العبور في مستوى يضمن ديمومة الطرقات، قدرتها على تطوير الشبكة و صيانتها. بعد بضعة أعوام سيتآكل رأس مالها و يجبر دافعو الضرائب على التكفل بخلاص ديونها رغم أن تسعيرة مقبولة لكل مستعملي الطرقات تكفي، شبكة طرقات سليمة و دائمة.
الحلول ساهلة و تكون أسهل لما تأخذ على بكري. لا أدري لماذا تقوم الدولة بتقديم دعم لمستعملي الطرقات السيارة بتسعيرة أقل من الكلفة، دون شفافية طبعا فهي خسائر و تلاشي رأس مال الشعب دون أن يذكر في أي قانون مالية؟ هذا طبعا على حساب قدرة الشركة على تطوير شبكة الطرقات وضمان ديمومتها للأجيال القادمة.