من أراد المشاهدة فعليه بالمجاهدة ذكر الله والتقرب اليه والإنابة وصدق التوجه الى الله اذا علم الله من عبده وهو علام الغيوب صدقا في التوجه وفقرا اليه رزقه وأنعم عليه فهو الرزاق الغني ومهما علت مرتبة العبد أي كان ما كان نبي أو رسول أو ملك مقرب فهو فقير إلى نعمة مولاه وإنعامه .
عندما أتكلم على التصوف فانا لا اقصد لا شطحات الجهلة ولا رعونة الغافلين ولكن ذلك المعين الصافي من ورثة الأنبياء من ثبت صلاحهم وحباهم المولى الكريم بالولاية بالرعاية وبالعناية وفي آثارهم إضافة لديننا الحنيف كانت حركاتهم وسكناتهم لله.
فهم خدم بين يد مولاهم على خطى بدر الكمال النبي محمّد فاللهم صل وسلم وبارك عليه لم يكونوا من أهل البدع والفتن بالعكس حاربوا ذلك واعطوا صورة مشرقة للإسلام تخلب الفؤاد وتجذب الخواطر ففيها تجديد ورقي بالنفس والروح .
امتنا في حاجة إلى مدارس للخير والبركة تشحذ النفوس وتداوي عللها تسمو بها إلى حضرة مولاها المؤمن هو قضاء الله وقدره فأين حبل الود مع الله. فهل اصبح ايماننا جامدا وغذينا بالواقع أفكارا وتشكل فينا العقل الحسّي الذي يتفاعل ويتداخل معه الشيطان اذ الدنيا حانوت ابليس ولقد اصبحت لنا متجرا .
نحن في حاجة إلى روحانية راقية ونفوس طيبة تستمد مددها توفيقها من مولاها لا من حولها وقوتها لذلك ضرورة التجربة والرياضة الروحية من ذكر صيام قيام ليل الا نكون حقيقة رهابنة بالليل فرسان بالنهار والا خارت القوى وضعف المقصد إلى الله وضعفت الهمة فهذا زمن الرخص لا زمن العزائم فقلّ السالكين لله وكثر الطالبين للسمعة والرياء والدنيا .
انتصر أسلافنا بصفاء سريرتهم وعلو الهمة وصدق التوجه لله فكانت تكبيرتهم بوقا صادعا زلزل اركان اعدائهم وكانت صلاتهم عروجا لله. وخبنا وخذلنا وفشلنا نحن إذ كثرت الأفكار واستعمل العقل في عديد المجالات واستنفذت الحول والقوة والإنغماس الاجتماعي فلم يزدنا ذلك إلا كبوات وارتداد وضغط نفسي ويأس .
فهلا نجدد ديننا ونحي أرواحنا التي في نفوسنا ونرجعها إلى حضرة مولاها بتزكية النفوس بتوفيق من الله. المجاهدة بذر المشاهدة فلا تأمن النفس وجاهدها لتسلم لمولاها وحاش لله ان ادعو بذكر التصوف لوثنية أو شرك بالله أو انغمس جاهلا في إحداهما اعوذ بالله من حال أهل النار واجعلنا يا ربي ممن يسلك طريق العلم ليتعلم ويغير حال نفسه إلى أحسن حال ويعرف قدره فيعمل ويصمت …