بعد قولك " لا نقبل الهزيمة لا نقبل إلّا بالانتصار أو بالاستشهاد، لنستشهد رافعين رؤوسنا، ولننتصر رافعين رؤوسنا "- وهو قول تكرر في خطاباتك مرات كثيرة بصيغ مختلفة-، فإننا يا سيادة الرئيس، لن نقول لك " من أنتم؟"- فأنتم بلا شك ورثة النبوة وسدنة الحقيقة وظل الله في أرضه-، ولكننا سنسألكم أسئلة أرجو ألا يضيق صدرك وصدر مناصريك بها:
1- من هم هؤلاء الذين ستحاربونهم ، فتُكتب لكم "إحدى الحسنيين"(إما النصر وإما الشهادة) وهل تمتلك الشجاعة لتسمّيهم لنا وتبسط مآخذك عليهم ( سياسيا ودينيا) لأنك تتحدث عن " حرب مقدسة" قد نعلم مبدأها ولن نعلم منتهاها؟
- يا سيادة الرئيس، هل إن الدستور الذي أقسمت على احترامه يعطيك الحق في احتكار الحديث باسم الدين ويبيح لك تقسيم الناس ضمنيا إلى أصحاب "الصراط المستقيم"(من سينتصرون معك أو يستشهدون) والى "بعث جهنم" ( من ستحاربهم من " الكفار" لأنك تعلم أن دم المسلم حلال وأن المسلمين إذا اقتتلا فالقاتل والمقتول في النار) ؟
- يا سيادة الرئيس، إذا كنت غيرَ منازع في كونك القائد الأعلى للقوات المسلحة ولكنك تريد أن تكون القائد الأعلى لكل القوات الحاملة للسلاح (بما فيها وزارة الداخلية) ، وتتحدث بعد ذلك عن " حرب"ستنتصر فيها أو ستستشهد، أليس من المنطقي أن يفهم الناس- تأسيسا على خطاباتك التخوينية الصدامية المتكررة- أنّ حربك ليست مع عدو خارجي، بل هي حرب موجهة للداخل- ستكون فيها أنت قائد جزء من التونسيين ضد بقية مواطنيهم- وهو ما يستوجب احتكار قيادة كل القوات الحاملة للسلاح؟
- يا سيادة الرئيس، أليس حديثك عن الشهادة والحرب ضربا من التحريض على التقاتل بين الأهالي، وهو في العمق "تكفير" خفي لجزء من شعبك لأنهم يستحقون الموت مثلما تستحق أنت ومن معك الشهادة أو الانتصار، وهل ترى في خطابك موافقةً للدستور الذي يجرّم التكفير ، أم تراه تأويلا مشروعا للدستور- وإذا رأيته تأويلا مشروعا بحكم غياب المحكمة الدستورية، فهل تأويلك "الاحترابي" للدستور" أولى من تأويل غيرك له...ولماذا ؟
- يا سيادة الرئيس، هل أنبأك رهطك (ولا شك أنك تعلم معنى الرهط في العربية الفصحى ولن تحمله على المعنى الدارج) أن آخر ما تحتاج اليه تونس الآن- وهنا هو هذه الحرب الأهلية التي نراك لا تملّ من التلويح بها في كل مناسبة، وهل أخبروك يا سيادة الرئيس بحقيقة الوضع الكارثي في مختلف المستويات التي لن تختفي أزماتها بمجرد أن تكون أنت القائد الأعلى للقوات الحاملة للسلاح، ولا بمجرد انتصارك- في حرب أهلية لا تبقي ولا تذر- على أعدائك (وهم بالطبع عندك أعداء الله والوطن) ؟
سؤال أخير لسيادة الرئيس: لن نسألك عن الاختلافات التي توجد في العمق بين خطابك (الدستوري في الظاهر) وبين أي خطاب تكفيري، ولكن هل يجوز دفن أعدائك الذين سيهلكون في "حربك المقدسة " في مقابر المسلمين أم ننتظر منك مشروع قانون لدفنهم في مقابر خاصة..مثل مقابر طائفة المنبوذين في الهند؟