رغم وجود الوطدي و"المثقف العضوي" سامي الطاهري في المركزية النقابية، فإن الاتحاد لم يفهم إلى الآن أن مشروع قيس سعيد سيلغي أي وسيط بين "الإرادة الشعبية" وبين " الزعيم" الذي يجسّدها. فمشروع الرئيس -في جوهره ومآلاته المنطقية- لا يلغي الحاجة إلى الأحزاب فقط( نهاية زمن الديمقراطية التمثيلية)، بل يلغي الحاجة إلى النقابات( نهاية مفهوم الشريك الاجتماعي بالمعنى الموروث عن النظام الدستوري التجمعي والمتواصل بعد الثورة ).
ف"الزعيم" لا يحتاج إلى من يتوسط بينه وبين العمال والأجراء، وهو ما يعني عدم الحاجة إلى الاتحاد أو في أفضل الأحوال تحوله إلى منبر لتفسير سياسات "الزعيم" وقراراته الحكيمة( لكن إلى حين).
ورغم أن دور" المفسر" لسياسات الرئيس والمشارك في "رفع التحديات" ليس غريبا عن المركزية النقابية، فإنها لم تنتبه إلى الفارق الجوهري بين مشروع الرئيس قيس سعيد ومنظومة المخلوع: المخلوع كان يحتاج إلى البيروقراطية النقابية( الشريك الاجتماعي) ليحكم، أما قيس سعيد فإنه لن يحكم الا بالقضاء على كل الوساطات بينه وبين الشعب، اللهم إلا الوساطات التي سيختارها هو .. وتكون جزء موثوقا من المؤمنين بمشروعه.