من لم يفهم أن الرئيس هو الحلقة الأضعف في غرفة الانقلابات التي لم تبدأ عملها يوم 25 جويلية، من لم يفهم أن " الانقلاب على الارادة الشعبية" والتنظير لحكم الأقليات واللوبيات هو مكون بنيوي من مكونات الوعي" الديمقراطي" لنخبة بلاد النمط وخرافاتها التي لا محصول تحتها ،
من لم يفهم أن الأخطر ليس المشروع السياسي للرئيس، بل توظيفاته الممكنة لوأد التجربة الديمقراطية في تونس، من لم يستوعب بعد درس " التوافق المغشوش" ونتائجه الكارثية على الانتقال الديمقراطي وعلى بناء المشروع الوطني بعيدا عن تطرف اليمين( الوهابية) واليسار ( خاصة الوطد والشبيحة)، من لم يستغرب من خضوع منظومة الحكم لسلطة رئيس لا علاقة له بأجهزتها ولا بنواتها الجهوية ولا برؤوس أموالها، من لم يدرك بعد أن" تصحيح المسار" هو لحظة انقلابية في مسار انقلاب كامل بدأ منذ أيام هيئة ابن عاشور،
من لم يفهم أن القوى الدولية لا يهمها الا الاستقرار وخلاص الديون ولو بنظام فرعوني خالص، من لم يلاحظ التقاطعات الموضوعية بين الرئيس وأغلب مكونات" العائلة الديمقراطية" بأحزابها ونقابتها وإعلامها ومجتمعها المدني وثقفوتها، من لم يصدق إلى الآن أن " الوطد" هو المعادل الموضوعي للسلفية الجهادية في المنظومة الشيو- تجمعية وعقلها الأمني-الريعي- الزبوني،
من لم يفهم أن الرئيس هو عقوبة لكل من خان الأمانة، ولكنه لا يمكن أن يكون بديلا عنهم لأنه لا يحمل الا مشروعا للخراب والاحتراب لا مشروعا للتحرر وبناء مقومات السيادة ، من لم يفقه أن الصراع في تونس ليس على النظام السياسي ولا على النظام الانتخابي ولا على النمط المجتمعي، بل هو صراع بين مشاريع لإدارة المنظومة الفاسدة سواء بمنطق الشراكة واللامركزية( النظام البرلماني المعدل) أو بمنطق الاحتكار ومركزة السلطة ( النظام الرئاسوي بصيغه الانقلابية الناعمة أو الصلبة)،
من لم يفهم أن البناء كله يتداعى للسقوط على من فيه مهما كانت ادعاءاتهم وأوهامهم، من لم يفقه ذلك كله فعليه أن يتهم عقله قبل أن يتهم غيره بفساد الفهم أو بسوء النية..ولو كان غيره طفلا لم يبلغ الفطام.