توطئة
هل نحن في ايام محنتنا كقراء و محبين للثقافة بعد ان كنا نحب المثقفين تضامنا معهم لمحنتهم ومعاناتهم من كل السلط ؟!
عندما تلاحظ ان اسماء كنت تعتبرها مهمة في عالم الثقافة والفكر والفنون على عرائض مناشدة بن علي ثم الباجي (هل تتذكرونها) والان الزبيدي وبعض الاخر الان وهنا تصاب بالاحباط وتبدا قلاع الثقافة وحصونها تتهاوى امام عينيك لتنبت في اعماق العقل وتلافيف القلب.وتحدث الصدمة …
اما اذا ما علمت ان المناشدات التي حصلت لم تكن صادرة عن حب وتفاهم وتلاق بين الافكار والرؤى انما حركتها رشاوى و اموال سياسية ووعود بالمناصب وقضاء بعض المصالح بعضها قد تكون قمة في القذارة عندئذ تفقد الثقة في كل المثقفين ..ويلزمك طبيب نفساني لاقناعك بانه من الضروري ام تتفاءل خيرا فليس كل المثقفين من هذا القبيل .
وإذا ما اصبت بالإحباط وفوجئت بمواقف سيئة تصدر عن كتاب وشعراء وباحثين وفنانين انت احببتهم فاعلم ان الحق معك لكن عليك ان تجاوز المحنة بالتفكير في التلاقي مع اخرين فالصادقون موجودون في كل عصر. فابحث اذن عن الصادقين والمخلصين لأفكارهم والمتمسكين بجذوة النضال من اجل مجتمع افضل وإنسان اجمل وفكر فاعل ورؤية مغيرة ..انهم موجودون..وليس من الضروري ان يكونوا تونسيين ..المهم وهو ان تغذي نفسك بفكر الرجال من اصحاب القيم العليا والمبادئ الشاهقة …
و المؤلم حقا اننا كنا ندرس محنة المثقفين ومعاناتهم تجاه السلط الحاكمة و نتعاطف معهم ونقف الى جانبهم ..ونساندهم وقد ندفع الثمن غاليا بسبب ذلك ..واذا بنا نكتشف حقائق تذهلنا اولا ثم تخزنا بأوجاع قد لا نجد لها دواء إلا اذا ما هربنا الى كتاب ومفكرين وباحثين ونقاد غير الذين احببنا لتغذية ارواحنا بكتابات تعمق ثقافتنا وترتقي برؤبتنا للكون وللحياة وللإنسانية وتدعونا دوما الى التمسك بالفكر الفاعل والمغير والمصلح والثائر..
والسؤال الان هو
هل تحولت محنة المثقفين و ازماتهم الناتجة عن ايمانهم بالحرية والعدالة وحقوق الانسان بما جعلهم كبارا في عيوننا الى محنتنا نحن كقراء ومتابعين ومنبهرين بعالم المثقفين والفنانين هذا اذا لم نحب بعمق المثقفين والفنانين انفسهم لا فقط نعشق عالمهم . …
اي محنة هي عندما نصاب فيمن نحب ..؟!
اما اعتبر اننا نمر بأزمة فكرية وأخلاقية لأننا اصبحنا نتفاجأ كل يوم منذ عهد بن علي بان تلك الاصوات العالية التي احببنا واحترمنا ليست إلا فوشيك اطفال فهم يتساقطون الواحد بعد الاخر لفائدة السلطة الحاكمة بحثا عن اموال لا يجدونا اذا صادقوا الانسانية والفكر المتطور وتمسكوا بعروة الحرية والديمقراطية او بحثا عن منصب ما لإقناعنا فيما بعد ان يتورطوا مع السلطة الحاكمة ويعوا بالخطأ الفادح الذي انزلقوا في دروبه بان الاصلاح ممكن من الداخل ..تأكدوا ان محنتنا اليوم مع من كانوا عندنا مثقفين ومبدعين كبيرة وموجعة اكثر من محنة المثقفين ومعاناتهم لما كانوا يواجهون بحق قوى الاستبداد والفساد ..
فما قولك يا من كنت صديقي في ما احسست به من ألم لما اكتشفت ان الفاسد الكبير فلان هو من دفع اليك المال لتكون الى جانبه او على الاقل ليضمن سكوتك .
وما قولك يا من احببت كتاباته واحترمت بحوثه فأجده فيما بعد مستشارا في الرئاسة او في دواوين الحكومة لا احد يستمع اليه انما تم اختيارهم في الوقت المناسب ليكونوا فقط في الطاقم ..لا اكثر …
هل اضيف
قد لا يفيد الكلام اكثر بل قد لا يفيد الامر كتابا مهما الان ..لان المؤلفات في هذا الموضوع كائنة فابحثوا عنها ان كنتم راغبين في اكتشاف المزيد من اسرار المثقفين في السنوات الثلاثين الاخيرة ..وخاصة منذ بداية المناشدات في نهايات بن علي ..وللعلم ان مصر وليبيا والجزائر وسوريا والسعودية عرفت المناشدات في مناسبات سجلها التاريخ. وهي قريبة في الزمن وفي المواضيع بما يحدث عندنا وقد اكتب عنها يوما ..