يتحدثون بألم عن الأمن والأمان في عهد المخلوع الهارب الراحل بن علي. و يؤكدون انهم فقدوه... ولا يتحدثون عن ساعات وأيام عاشوها في الرعب الكبير خوفا من الشعب.. وخوفا من المحاسبات وخوفا من ان يتمكن الشعب من استرجاع حقوقهم.
وفي الواقع هم لا يتحدثون عن الشعب.. وأمان الشعب بل يتحدثون عن مصالحهم العديدة التي كادوا يفتقدونها تلك المصالح المنجرة عن وقوفهم الى جانب النظام القائم فضلا عن استفادتهم المختلفة منه نذكر حمايتهم اذا أفسدوا ونهبوا. أما الشعب فلم يعرف الامن ولا أمان في عهد المخلوع..
وطبعا لم تعرفه المعارضة الحقيقية ولا المعارضة الكرتونية التي صنعها بن علي نفسه لإعطاء صورة جميلة عن نظامه من ناحية ومن ناحية أخرى يطمأن الي معارضة لا تفعل شيئا وقد كانت بعض المعارضات داخل التجمع اكثر أهمية وتأثيرها من صنيعة بن علي فانتفض الشعب وقدم ضريبة الدم.
ولذا اليوم أفضل..
نعم هو أفضل. لأننا نقدر على لعنة الذين عاشوا في أمن وأمان بالسرقة والنهب والفساد ولا بالحق والعدل والانصاف ونظافة اليد واللسان.... في حين عاش اغلب الشعب في الاذلال والتهميش والسجن والمحاكمات الظالمة وربما القتل .بحريتنا المكتسبة وبشيء من الديمقراطية التي يجب أن نعض من أجلها على النواجد نلعنهم اذا ازدادوا فسادا وساهموا في إفساد المجتمع والتوافق مع الجدد يمينا ويسارا. لنتذمر توافق اليسار مع الباجي في بعث الاتحاد من أجل تونس.. ولا ننسي نظام التوافق الذي أقامه الباجي مع النهضة.. ثم نظام الحماية مع قلب تونس وحزام الأمان مع كل الراغبين في اقتسام الغنيمة..
فالجدد للأسف لم يأتوا من أجل الشعب والوطن إنما جاؤوا بروح لا تخلو من الفساد والتوافق ناتج عن الرغبة المشتركة في اقتسام الغنائم فالقدامى يعرفون أين توجد الغنائم والجدد بيدهم السلطة ويقررون كيف يستفيدون منها... ولذا كان لا بد من التوافق بينهم فلم يصدر قانون لتحصين الثورة.. و يفتخرون بذلك... ولم يصدر قانون للمحاسبة حتى لا يطالهم هذا القانون.. وهم سعداء بذلك وأصدروا قانون المصالحة الذي تسبب للدولة في خسارات كبرى..ولذا فإن كل الذين افلتوا من العقاب يواصلون النهب إن كانوا في الحكم. أو في الإدارة. وان ابتعدوا فانهم تركوا أبناءهم و تلاميذهم…
ومع ذلك فاليوم افضل.. وكل من أخطأ أو أجرم في حق الشعب سيدفع الثمن..و الافلات من العقاب لن يكون قائما دائما.. والتاريخ البعيد دروَس والتاريخ الحديث القريب منا أكثر من دروس... انها روائح الدم مازالت تنادينا.. وتسأل ماذا فعلتم بالثورة التي فجرناها. ؟!