لبى داعي ربه الأستاذ المحامي حافظ القرآن الكريم حسن الغضباني.. وذلك هذا المساء في إحدى المصحات بعد معاناته من العدوى اللعينة. إنا لله وانا اليه راجعون.... تغمده الله برحمته وأوسع مكانه في جنان الخلد... كل التعازي الى زوجته السيدة هدى عزوز وكافة أفراد عائلته..
تعرفت عليه في البداية في الجامعة التونسية أثناء الاجتماعات العامة التي كنا نعقدها للمطالبة بالغاء المؤتمر السابع عشر لاتحاد الطلبة التونسيين الذي وضعت السلطة ايديها عليه.. ومازلت أذكره وهو يخطب في اجتماعات الطلبة في كلية الحقوق والعلوم الاقتصادية بصوته الصداح وتحاليله المقنعة عن الأوضاع السياسية و عن ضع الطلبة في تونس .
ثم تعرفت عليه مباشرة منذ منتصف السبعينيات بحكم عملي الصحفي في جريدة الصباح.. وكنا نلتقي كل يوم لمدة نصف ساعة أو أكثر في المقهى إذ أن مكتبه يوجد في نهج باش حامبه وهو النهج الذي كان مقرا لجريدة الصباح حيث عملت عشرين سنة قبل الانتقال إلى مقرها الجديد على طريق المطار هو مقرها الحالي...
وقد ارتبطنا معا بوشائج المحبة والصداقة فهو يسمع مني بلا كلل.. واسمع منه بلا كلل.. اتفقنا كثيرا واختلفنا كثيرا.. وبقينا صديقين لا شيء يعكر صفو صداقتنا. وللعلم انه كان من مؤسسي الحركة الإسلامية في بداية السبعينيات وكان قادرا على الاستقطاب بشكل مذهل وجمع حوله مريدين كثيرين .
لكنه في الثمانينات إبتعد عن الجماعة تماما وتفرغ لعمله محاميا ناجحا ومؤثرا فاعلا وتوجه الى البحوث الإسلامية بعيدا عن الاصطفافات والأحزاب واهتم بالتاريخ الإسلامي والدراسات الحضارية و ناصر المظلومين ودافع عن حقوقهم واعرف انه دافع عن الكثير من المواطنين مجانا .
كما كان من الذين يحفظون القرآن الكريم حفظا دقيقا متميزا مع القدرة على الشرح والتفسير . وهو يعتمد القرأن في أحاديثه و محاضراته ومشاركاته في الإعلام بكل أنواعه... ولم يكن في الثلاثين سنة الأخيرة يميل الي السياسة اطلاقا وان كان محافظا على صداقاته مع الكثير من السياسيين من كل التوجهات خاصة إذا كانوا قريبين منه في المحاماة وأهل العدل والقضاء..
كلمة بمناسبة : الحمدلله.. السمعة الطيبة والعطر الفواح
السمعة الطيبة هي التي زعزعت الناس في شبكة الفايسبوك للترحم على الأستاذ حسن الغضباني الذي يحبونه لا لأنه قائد سياسي. ولا لأنه أمام جماعة. بل لأن سمعته طيبة تبث أريجا متميزا…
فقد أحسست أن تونس كلها تترحم عليه في صوت واحد موجوع ... وهو الذي توفي قبل بضعة ساعات كانت كفيلة بتحريك جانب كبير من التونسيين للترحم عليه ونشر الأخبار عنه.. وغدا سيسمع بالخبر الملايين.. وسيصله الدعاء بالرحمة من الجميع..
فهل نتعظ.. يا أولئك الذين لا تهمكم السمعة الطيبة.. وتعنيكم فقط مصالحكم.. و جيوبكم ولا يهم كيف نكتسب المال والثروة.. وقد تعلمنا كلمة قانونية تصورنا انها هي التي تبني الإنسان الا وهي أن القضاء ما لم يقل كلمته فإن المتهمين بالفساد ابرياء لا يا سادة ليسوا أبرياء إنما غابت الحجة والوظيفة على القضاء.. و سلملي على السمعة. الطيبة! /؟! ؟
هذه القولة هي التي تفشت بها تقاليد الافلات من العقاب... وبثت في الناس ثقافة القبول بالفساد وبشبهات الفساد... عوض أن نبث ثقافة القيم.. ثقافة السمعة الطيبة والمثال الحسن.