الأتراك شعوب من وسط وجنوب آسيا، استقرّ أغلبهم في تركيا الحاليّة وخاصّة بعد تأسيس السلطنة العثمانيّة... ذووا طبيعة جبليّة و جبلّة عنيدة تأبى الرضوخ للغاصبين... ذووا أنفة و عزّة.. ولا يكسبهم الإخضاع إلاّ مزيدا من الإصرار و التمرّد ولو بعد حين... لا يكظمون الغيض تجاه من يعتدي عليهم و يتجاوز حدوده فيهم و هذه الطبيعة أكسبتهم همّة السعي إلى القمّة ولو على الجراح.
- الأتراك تصنع منهم الآلام و التحديات كائنات غرائبيّة شديدة البأس لا يأخذها النسيان إلى حيث لا ترتضي...لا تنسى و تُنسى..تصنع الرفاه من الجبال ومن الألم ومن التصوّف…
- تسيح في عالم الشهادة الذي يؤثّث جزء منه متماثلات لقابيل و يهوذا ...و السامرائي و صاحب فرعون... وذو القرنين و الإسكندر... وهيرودس و نيرون...ومندريس و أتاتورك...كلّ هؤلاء يؤثّثون فضاء الخيال و المخيال و المعاول بمعيّة نفحات جلال الدين الرومي و النورسي…
- الأتراك شعب أبيٌّ صهرته المحن و صعود الجبال و صقلته المعرفة الكونيّة و جعلت من محمد الفاتح يقف بسيفه على أبواب القسطنطينيّة ( اسطنبول الأروبيّة الآن) و سليمان القانوني على أبواب النمسا..
- الأتراك حتى و إن نهشتهم الدول الإستعماريّة و الدول السلافيّة و خاصة مع المرض المزمن للسلطنات و السلاطين...لكن كلّ هذا لم يجعل منهم لقمة سائغة... فالإعتداد بالعنصر التركي قائم و الإستحقاقات آتية أمّا الإحساس بالإندثار و بوطأة الهزيمة فلا و ليس من مفردّات قواميسهم…
- الأتراك بالرغم من تتالي الإنقلابات و الإعدامات و التغييب و القسري فبمجرّد فسحة قليلة يعودون إلى إعتلاء الساحات من جديد...لأنّهم شعب عملي بامتياز…
- الأتراك الآن شعب يأبى النسيان أو يرضى تتويه بوصلته من أجل رفاهية شعبه و استقراره وتكلّفه باهضا ومن الدم أيضا…
- الأتراك بالرغم من فداحة ما تعرّضوا له طوال الحقب الماضية...إلاّ أن تعلقهم بالحريّة و الإستقلال و الإعتزاز بهويتهم تفوق كل الحدود…
- الأتراك إن أُعدم لهم مندريس ففي طواياهم مندريسات خضر و براعم عشق لصناعة حياة أفضل ولو بالتمدّد أمام دبابة عسكري غبي و مستعجل…
- طوبى لهم بأنفتهم و عزّتهم و اراداتهم التي تكسّرت عليها معاول المؤامرات و الخساسة و الدنيّة في العرض و الدين و السياسة الإنقلابيّة…
- و طوبى لهم لأنّهم حقيقة على المسار السلوكي و العملي النقيض لمسار و عمل العربان الذين تفنّنوا في إضاعة الفرص على الأوطان…
- الأتراك شعب يحيا و يعيش الإباء في أحلى تجلّياته و صوره.. و إذا ابتلي بظالم صبر و قاوم و انتظر مع أمل كبير في النصر و لو بعد لاَيٍ....
" وإذا بليت بظالم كن ظالما **** وإذا لقيت ذوي الجهالة فاجهل
وإذا الجبان نهاك يوم كريهة **** خوفا عليك من ازدحام الجفل
فاعص مقالته ولا تحفل بها **** واقدم إذا حق اللقافي الأول
واختر لنفسك منزلا تعلو به**** أو مت كريما تحت ظل القسطل
فالموت لا ينجيك من آفاته**** حصن ولو شيدته بالجندل
موت الفتى في عزة خير له **** من أن يبيت أسير طرف أحكل
إن كنت في عدد العبيد فهمتي **** فوق الثريا والسماك الأعزل
لا تسقني ماء الحياة بذلة **** بل فاسقني بالعز كأس الحنظل
ماء الحياة بذلة كجهنم **** وجهنم بالعز أطيب منزل"