استووا و استقيموا يُسلِّمكم الشيخ!!!.

Photo

يخضع المشهد السياسي في تونس لعمليّة تراتبيّة و ترتيبيّة و إعادة- ترتيبيّة مهولة وخاصة في الدوائر المحيطة بدواليب الحكم، وهذه العمليّة الممنهجة و السريعة و التي تعتريها بعض العشوائيّة أحيانا نتيجة للكثير من التدخّلات و التداخلات و الاشتراطات من مراكز النفوذ و مراكز القوى و اللوبيات...والهدف هو إعادة صياغة منظومة حكم بشخوص تلائمها كي يحصل بعض التوازن المشروط…

فالحالة غير مطمئنة في غياب ترتيبات لخارطة للطريق مرضيٍّ عنها ( وثيقة قرطاج ليس إلاّ الشكل المعلن منها و المغري)،إذ صور حالات الشغور متخيّلة أنيّا و تراود الكثير( خصوصا الشغور في الرئاسة و البرلمان)، و بالتالي إعداد أمثلة مصغّرة في شكل خطّة أ، خطّة ب...إلخ تصبح ضروريّة ومطلوبة و لا بد حينها من تشريك أغلب القوى مع إجراء العديد من العمليات، تبدأ بالإحتواء و التقليم و لو بمقصٍّ صدِئٍ، و لا بدّ أيضا من القيام بعمليات تفكيكيّة لبعض القوى التي يُعْتَقَد بسهولة تفكيكها وتوزيع عناصرها على دكاكين القطع المستعملة ( التفكيك موجّه لشركة الرياحي للتوظيف و للجبهة...).

أمّا التقليم فيَهُمّ القوى المستعصية (على الإقصاء وإخراجها من دوائر الحكم) و خاصة النهضة التي تعتبر في العقل السياسي المستحوذ تاريخيا على المنظومة الحاكمة بمثابة إعرابيّ في المدينة ( بشخوصها و سلوكها و سمائلها و طقوسها...) لذلك تضع منطقة النفوذ المركزي في الحكم على عاتقها مهمّة التقليم و التشذيب و التهذيب و التمدين لهذا الجسم الصلب الذي أظهر الكثير من الإعتداد الأعرابي بالنفس (بهرجة أعرابيّة في المؤتمر العاشر) و لنجاح هذه المهمّة فليس هناك بدّ من الإستعانة بقوى الضغط شمال- جنوب و غرب- شرق و شرق- شرق (من بينها الزيارة الباريسيّة للشيخ و بعض مريديه) و كذلك بالضغوط داخل- الداخل أو intra- intra، أمّا عمليّة التحويل فهي مركّبة و تحويليّة بامتياز و يُسمح فيها بالمدّ و الجزر و الهدف منها القيام بعمليّة انزياحيّة لمركز ثقل الحكم من الساحل إلى حاضرة تونس ( البلديّة) لكن دون إحداث ارباكات و توترات و مغص في شرايين و أمعاء الدولة الرئيسيّة و الحيويّة على المدى القريب و المتوسّط…

وكلّ هذه العمليات يُلاحظ فيها التداخل و التنازل حسب المصلحة و القوّة و القدرة على توظيف القوّة و الدماغ التفاوضي أي حسب القدرة و الممكن و إدارة الممكن مع تدوير زوايا القدرة...هي عمليّة بطيئة بالنظرة الإعلاميّة و الحزبيّة البحتة و سريعة و متسارعة بمعيار عمر الجمهوريّة الأولى.

كلّ هذا العمل الترتيبي هو استغلال جيّد للّخبطة في الأوراق التي حدثت بعد الثورة، و توجيه عن بعد وعن قرب لكلّ الطاقات و القدرات الكامنة في هيكل الدولة و في بنيتها ( تنفيذيّة، تشريعيّة و قضائيّة و إعلاميّة و علاقات دوليّة...) و التي لم تفلح و لم تقدر على استغلالها القوى التي أعتمدت في شرعيّة ريادتها و مشروعيّة أحقيتها بإدارة الدولة على ثورية اصطناعيّة بنتها في المنابر الإعلاميّة، إضافة لكونها من بنية خارجيّة عن المنظومة الحاكمة القائمة و لأنّ هذه القوى تفتقد للنضاليّة العذراء والخام و الطويلة المدى، كما تفتقد للحيويّة و الرؤية الإستراتيجيّة معا، مع قيمة مضافة من محدوديّة المعارف بالدولة و زواريبها و قواها و مراكز نفوذها و قواها و لوبياتها و مسالك توزيعها ( لا نرى عكسه إلاّ من علاقات نفعيّة و منفعيّة مع كمال و شفيق...وما رأيناه عند مجموعة الــ25) مع إدعاء كتبي و فريسي بطهوريّة مزيّفة في وسط يعج بمفتضي البكارة « من منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر»،…

فإنّ عمليّة الإخراج المؤسسي لها، تمّت بأقلّ تكلفة وأيسر طريقة و أقصر طريق وفي أقصر وقت... و كانت الإنتخابات هي بوّابة الخروج بخفّي حنين أو بحواصل أكبر البقايا،، وكانت ومضة بسيكو-دراميّة للبعض و نوستالجي- تراجيديّة للبعض الآخر مع اهتزازات إخراجيّة ممتازة في الحفلات الإعلاميّة...ولم تبقى في الساحة تناكف و تعاند و تنحني للريح والضغط مرّة تحت الحصار الإعلامي و أخرى تحت الحمار الوطني و مرّات تحت جبهة الإنقاذ و قليل في حضرة الروز بالفاكية و أخر تحت القصف بالإغتيالات و الإعتصامات و قطع الطرق وعديدة تحت الكواليس و المفاوضات ( المفاوضات التي تبدو بدائيّة مرّات و بتقنية عالية في القليل منها…

مرّات يكون المفاوض على نمط أشعري و مرّة يكون ذا عقل تفاوضي منسوب لابن العاص...) و التفاهمات( تفاهمات شيخ- شيخ) إلاّ النهضة التي أسعفتها في جزء كبير، التضحيات الدمويّة و العُمْريّة و السجنيّة لأبنائها و التي مازالت تمدّهم بطاقة حيويّة للوجود و الصبر و المداورة و تدوير الزوايا و المكافحة و صلابة الأسس...و الشيء المخيف حقّا و الوحيد هو التعسّف و الإرتجال في المعالجات الداخليّة (بيد الشيخ الثاني و بطانته) التي لم تسعف الجسم لحد الآن من التحليق كطائر الفينيق الذي لم يمت…

والجزء الأكبر من السيناريو المكتوب ومنه الدائر الآن على المسرح لتشكيل حكومة الوحدة هو ازاحة النهضة وفي حالة وسطى معتدلة انزياحها و لما لا تدجينها تحت سقف متدنّي و معلوم لكي يسهل إعادة بلورة و تزويق، و من ثمّ تسويق و ماركتينغ لمنظومة حكم جديدة داخل نفس الدوائر و الحلقات القديمة لكن بتغيّر شكلي وطفيف من الساحل ( دوائر البورقيبيّة و دائرة الزع-بع) إلى حاضرة تونس و ضواحيها (دوائر الباي و مشتقاته) وهو تقريبا نفس المنهج الذي خيض فيه في الساحة المصريّة و الليبيّة و السوريّة و اليمنيّة و المحاولة الفاشلة التركيّة لكن بوسائل و أساليب مختلفة حدودها الدنيا القبول بالسقف مع التدجين و حدودها العليا الدم والسجن و النفي و الإقصاء ولو عبر الدبابة و الانقلاب…

تبقى ملاحظة هامّة لا بدّ من ذكرها أن المفاوض النهضاوي إلى الآن لم يستطع الإرتقاء لمرتبة أبن العاص بل هو يدور كجمل بروطة في فلك المسلك التفاوضي لأبو موسى الأشعري وهذا في حقيقته راجع للبنية العقليّة السائدة التي تدرس الدهاء و فنون الإبداع و الخداع ولا تستطيع تطبيقها ربّما عجزا و ربّما قلّة حيلة و ربّما استنكافا طوباويّا و ربّما تربيّة و تصعيد و النماذج المقارنة كثيرة في تربتنا العربيّة ( مفاوضات أوسلو**أبو عمار- رابين** مفاوضات القصر الجمهوري المصري**مرسي -السيسي من وراء الستار و الآن مفاوضات قصر الضيافة***الشاهد - العذاري ومن وراء الستار**الشيخ- شيخ**...)...لذا المطلوب من الكلّ الإستواء و الإستقامة فالمرحلة هي الدخول للعبادة- المنافسة من باب الحكم و الريادة....

فاستووا واستقيموا يُسلِّم الشيخ ميداليات الألمبياد الحكومي... لمستحقيها. وكان توزيعها كما يلي :


• الميداليّة الذهبيّة: تحصّلت عليها مراكز النفوذ و اللوبيات ( من مشتقات كمال- شفيق... الخ).

• الميداليّة الفضيّة: تحصّل عليها بالإشتراك كلّ من القصر و الإتحاد.

• الميداليّة البرونزيّة: تحصّل عليها كلّ من الحزب الشيوعي التونسي الممثّل ببالطيب و الوطد الممثّل بالبريكي (عوض الرحوي) و بن غربيّة الممثّل لشخصه.

كما تحصّل كلّ من:

شقّ النداء على معلّقة تشجيع، و كورشيد ( البغدادي) على معلّقة امتياز و النهضة على شهادة شكر على المساهمة و المشاركة، و شهادة حسن السلوك لكلّ من الجمهوري و حركة الشعب و معلّقة توبيخ لكلّ من الحر و بقيّة الجبهة…

أمّا التيار و الحراك فلم تسعفهم لياقتهم البدنيّة و الذهنيّة من المشاركة لذلك أثّثوا المدارج مع الجماهير و أدوا النشيد الوطني بخشوع و إمالة على سمفونيّة مكافحة الفساد أمام الشاشات.

كما تمّ تكريم الصيد و حكومته المنزوعة المخالب و المرفوع عنها الحجاب على حسن التنظيم و الإدارة و المسامرة.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات