أفضل ما أهداه انقلاب 25 جويلية لمعركة فرض الديمقراطية وحراستها(مهمة الثورة وجوهرها) هو كشف أعدائها/ أدعيائها؛ ها نحن نشهد استنعاج أشد من استأسدوا عليها طيلة عشرية رخاء الثرثرة الآمنة. سبق أن كتبت لكم مرة عن اختياري الطوعي طيلة العشرية السير في الصفوف الخلفية لبعض المسيرات التي كنت مقتنعا بعدالتها، وساعة سألني صديقي محجوب عن سر ذلك قلت له بصراحة نحشم تصدر الصفوف. فازدادت حيرته، فأضفت قائلا: التصدر الآن مافيشو فخرة، ألا ترى أن الأمنيبن يصافحوننا مبتسمين؛ أعدك بتصدر الصفوف ساعة يصبح ذلك ضنين بالمزاحمين، أما هذه الأيام فلا يشرفني أن أكون كتفا بكتف مع من كانوا يقوّدون علينا، هؤلاء لا يتظاهرون تجذيرا للديمقراطية الوليدة بل يستغلون مساحاتها المتاحة لحفر قبرها!
وينهم اليوم آك الطحانة اللي كانوا يرجمون المرزوقي بالحجارة ويعودون إلى ديارهم سلامات، وينهم اللي كانوا يقطعون الطرقات وسكك الحديد ويحاصرون مكاتب الولاة والمعتمدين، وينهم آك السڨايط الساقطات اللائي كن يكشفن "عزازلهن" على البوليس المنضبط للحريات دون اقتناع، ألم يكنّ يعملن على استفزازه لاخراج أفضع ما فيه، وقد كان!!!؟؟
الفضيلة الثانية لانقلاب 25 جويلية هو بداية التخلص (اعتقال ومحاكمة) كل الحثالات البشرية الذين نسبوا أنفسهم لأكذوبة حراك خمسة وعشرين ( التر والفر وسارق مغزل أمو) مضافا لهم بعض تقنيي المعرفة الانتهازيين الذين راودوا/دن الانقلاب على أنفسهم كالقــحاب؟!
أعتقد أن شقا داخل منظومة خمسة وعشرين الانقلابية قد أدرك أن كل هذه الحثالات البشرية قد أصبحت عبئا عليهم!!! وإذا كان ما أقوله صحيح (وجود تباين وجهات نظر داخل المنظومة) أرجو من هؤلاء الكف عن تخوين أنصار خيار التدبير الديمقراطي للبلاد بعدما تبين لهم حجم الابتزاز الغربي لسلطة الانقلاب (فرض أجندات مقابل الاعتراف والتمويل المذل). فمواجهة الهيمنة العاتية تكون بجبهة وطنية جوهرها التدبير الديمقراطي للبلاد، أما خيار الجغجغة الوطنجية المتقومجة فقد أثبتت التجارب المرة أن مآلها الريادة في التطبيع مع السوق وربيبته الصهيو أشكنازية.
كذلك، أقول لهؤلاء الرفاق الذين لا أخوّنهم لكني أعتبر خيارهم خاطئا حد الخطيئة: حذار لا تلعبوا لعبة شق صفوف مقاوميكم عبر تخوين شق وتبرئة شق، كل من اعتقلتموهم فشلتم في اثبات مجرد تهمة يتيمة من أصل ركام الجبال الذي لطالما ردده الوظيفيون السفلة، أليست كل أجهزة الاستخبار والقرار بين أيديكم؟!!!!
لم نصارعكم طيلة قرابة العامين حنينا لسلطة انتزعت منا، لم تكونوا أفضل منا في نقد العشرية ومؤسساتها، لكن خلافنا كان ومازال حول الأسلوب، تجاوز مشكلات الديمقراطية المعطوبة يكون بمزيد من الديمقراطية الجوهرية لتجذير الديمقراطية الشكلية وليس بدهسها بدبابة!!!
ها قد أخذتم وقتكم، واستحوذتم على كل السلطات، وسجنتم كل "الفاسدين والخونة"؛ أمّال ليش انهزمنا، كما صرخ سجان احنا بتوع الأوتوبيس!!!!
لماذا غاب الحد الأدنى من معيش الناس مذ أصبح سعيد ملك ملوك أفريقيا الذي يسأل ولا يُسأل؟! لم يعد يقنع حديث المعارض على لسان مراد بوبالة!!! انقاذ ما تبقى من قرار وطني بوابته إسقاط الاستثناء واستئناف الدستوري، إسقاط الاستقواء على الجميع واستئناف الاستقواء بالجميع. احتكار الوطنية بوابة تضييع الوطن.
هل تنصتون؟ هل تعقلون؟ حتى ذلك الحين،