محامي من العاصمة التونسية من العائلات التي تعرّف نفسها اجتماعيا بالبلدية. تمييزا لنفسها عن ساكنة العمق التونسي بدعوى التميز الحواضري.
درَس هذا الوضع الاجتماعي الذي ساد طيلة قرون "قروسطية" وعثمانية، لكنه ظل "بريستيجا" يحتكر بعض مفاصل العاصمة مرفقا بلَديا ومرفقا ثقافيا (مهرجانات و"غالوريات" فنية) ومشيخة الزيتونة والافتاء.. ". (أذكر هذه المعطيات تذكيرا بالتنكيل الذي تعرض له المرزوقي ذي البشرة السمراء والبرنس والأصول البدوية الذي لم تغفر له ثقافته العالية وعلمه الغزير، إذ لقي الصد تماما كما جده ابن عرفة الورغمي عالم زمانه ساعة صده "أجداد" عبد الفتاح مورو عن إمامة جامع الزيتونة زمن الحفصيين بجريرة أصوله البدوية).
هو أحد أبرز رموز حركة النهضة منذ النشأة وخلال كل تحولاتها الإسمية من الجماعة الإسلامية فالإتجاه الإسلامي فحركة النهضة وصولا إلي حزب حركة النهضة ("الاسلام الديموقراطي"/تم تعديلها "الاسلاميون الديمقراطيون" تفاعلا مع نقد وجه لهم).
خطيب مفوه فصيح اللسان، سريع البديهة، ساعده في ذلك ثقافته العربية الاسلامية وتوليه خطة إمام الجمعة فضلا مهنة المحامي اللسانية بامتياز. يجيد اللغات الأجنبية بطلاقة فرضها نمط عيشه الحواضري البلْدي.
إحدى بناته لا تلبس الخمار، تظهر بشكل عصري لا أثر فيه لعلامات ورموز التدين السياسي. وهي ظاهرة تذكرنا بكبار فقهاء الحاضرة الذين كانوا يدرسون التعليم "التقليدي" لعموم أبناء التونسيين وينظّرون لذلك، في مقابل بعث بناتهم وأولادهم إلى أروبا لتلقي تعليم حداثي متأورب!!!
شخصية مرحة تقطع مع نموذج سحنة المتدين العبوس. لكن، لم يعرف عنه الصمود في مواجهة المحن التي تعرضت لها حركته، إذ كان في لحظات العسرة يتخذ موقفا نقديا ويتمايز عنها تبرؤا.
كذلك المعروف عنه لباقة خطاب تكاد تكون زئبقية: يساري حداثي مع العلمانيين... سلفي تمكيني مخيف مع السلفيين!! بياع كلام سياقي، مما جعله محل ريبة خصوصا من الطرف العلماني المتوجس حد الاسلامو فوبيا.
ترى هل تصلح هكذا خصال وسيرة في تولي أمانة رئيس جمهورية موكول له في ظرف انتقالي أبرز مهماته حراسة الديمقراطية التي تم فرضها بغير شروطها التاريخية غير القابلة للاستنساخ والتكرار.
فرضها التونسيون ذات ديسمبر بدماء الشهداء و يحرسونها ببسالة الديموقراطيين. يبنونها حجرا حجرا وليست انتقالا ديمقراطيا كما تهرف النخب المرتبطة معرفيا وسياسيا. فتجارب الانتقال الديمقراطي احتاجت دوما تسوية تاريخية بين جناح اصلاحي في نظام مستبد ومعارضة ديموقراطية نشيطة. في حين أن الديمقراطية في تونس يتربص بها من فُرضت عليهم فرضا.
هل يصمد مورو دفاعا عن الديمقراطية في مناخ محلي وإقليمي يفاخر بمعاداة الثورة في تونس ويصمها بأم الربيع العبري؟
هل تُطمئن رئاسة مورو لحراسة الديمقراطية في ظل سياسات التوافق الذليل التي جردت الثورة في تونس من حاملها الاجتماعي العريض الذي نفض يديه ولم يعد معنيا بغير شروط معيشه اليومي المهترئ؟
أم سيشكل صعوده للرئاسة فرصة لاستنفار عش الدبابير الهووي الفرنكوعلمنجي للتحريض على حركته مما يدفعها إلى مزيد التنازلات المذلة اجتماعيا ووطنيا في سبيل تأمين سلامة وجودها السياسي؟!
هل استوفت الديمقراطية في تونس شروط بقائها مؤسسيا ومجتمعيا دون ديموقراطيين يفرضونها ويحرسونها، حتى يكف النهضاويون عما يسمونه تنازلات على حساب حركتهم لحساب الثورة والديمقراطية؟
لكل هذه الأسئلة القلقة على الديمقراطية في تونس، تتعالى أصوات من دخل حزب حركة النهضة نفسها رفضا لتقدم مورو للرئاسة خوفا على الديمقراطية الناشئة في تونس.
الديموقراطية الناشئة في محيط اقليمي معادي؛ تحتاج ديمقراطيا جسورا لا بياع كلام سياقي.
غدا مرشح آخر... وسفود آخر…