لو أنفقت وزارة الداخلية كامل ميزانيتها (غير المعلومة للتونسيين) على شركة علاقات عامة عساها تكسبها ربع طوفان التعاطف الشعبي معها عقب التظاهرة الأخيرة بشارع بورڨيبة ما كان لها ذلك.
لكن تأبى النقابات المسلحة إلا أن تنسف كل ذلك الرصيد الرمزي وتعيد صورة البوليس السياسي زمن الرعب النوفمبري. مضافا له برشة تبوريب يعض يد الثورة التي ضاعفت مرتباتهم ومكنتهم من حق التنظم النقابي فعقروها ورذلوها...
ما جرى اليوم في مدينة صفاقس من تفشيخ شاب بشكل همجي وما جرى في العاصمة من السطو المسلح على سيارة تاكسي (تقل الأمينة العامة للاتحاد العام لطلبة تونس صحبة رفيقين لها) بعد انزال سائقها واختطافها لجهة غير معلومة وسط تقاطر بيانات تدعو للعصيان وتظاهرة ترفع شعارات "يا مشيشي يا طحان الأمن لا يهان" و "يا شيوعي يا طحان الأمن لا يهان".
بالنسبة لرئيس الحكومة (الذي طحنتموه) هي محطة أخرى نختبره فيها هل يطبق القانون ويحل هذه التنظيمات المسلحة المارقة دفاعا عن مؤسسة الداخلية ومنتسبيها في وجه المتمردين الذين بلعوا ألسنتهم زمن تولى الداخلية أحد أعرافهم زمن الباجي!!!
أما عن الشيوعية التي تسبونها فأنا منها… شيوعية الشعوب التي تتجلى تضامنا طوعيا عارما زمن الأزمات…. أما من تحسبونهم على الشيوعية الذين رفعوا شعار "يا بوليس يا طحان" أعتقد أنكم لم تصنعوا فارقا أخلاقيا عنهم ساعة رفعتم اليوم نفس الشعار مقلوبا.
ليسوا شيوعيين بل هم زبائن منظمات الترويض المانحة… كنتم معا في شارع الصورة تخوضون معركة الصورة: مناذلات الشوهة يردن ترويج صورة "بوليس الفاشية الدينية يغتصب حفيدات الكاهنة وعليسة" لضمان سيولة صنبور تمويلات الأجندات وجهاز البوليس منضبطا لحق التظاهر المعولم رموزا وأجندات كسرا لما تخطط له مناذلات الزطلة والتجريب الجنسي… كانت معركة صورة للتغطية على حقيقة ما يجري من معارك أفقية جذرية راياتها اجتماعية وعقوباتها فادحة تدور رحاها خارج شارع معارك الصورة… وعلى أية حال لم يتعد صنيعهم بضع عبارات وقحة تدمنونها منذ عقود ورموكم بألوان مائية لا رصاصا وغازات سامة كما تتحرقون… وقد انكشفت الحقيقة صباح اليوم!!!
وقد أبدع فرع باب بحر للرابطة التونسية لحقوق الانسان في توصيف صنيع هذه التنظيمات المسلحة الموازية.
هذا مقتطف منه:
1 - تشكيل جهاز موازي للجهاز الرسمي لوزارة الداخلية عبر السطو على الدور الموكول للمسؤولين الأمنيين الرسميين وترويج خطاب موازي في وسائل الإعلام الرسمية.
2 - تجاوز الدور الإجتماعي للنقابات نحو التدخل السافر في العملية السياسية.
3 - مخالفة القوانين الداخلية لقوات الأمن ومخالفة القانون والدستور.
4 - الدعوة في بيانات منشورة للعموم وموثقة للتمرد والعصيان وذلك بالدعوة لعدم تأمين مرافق عمومية وكذلك بدعوة منظوريها إلى عدم المثول أمام العدالة وهو ما يعتبر خرقا لمبدأ علوية القانون وتفصي من العقاب.
5 - التشهير بالمواطنين والمحامين والناشطين الحقوقيين والمس منهم والإساءة لهم عبر صفحات النقابات الأمنية وهو ما يشكل جريمة يعاقب عليها القانون الجزائي التونسي.
6 - تهديد المواطنين وترويعهم عبر نشر صورهم ومعطياتهم للعموم.
7 - الاعتداء على المحتجيين السلميين الذين يضمن لهم القانون حق التظاهر والتعبير عن الرأي.
فقط نذكر هؤلاء الرابطيين أننا منذ عشر مضت لم نقرأ لهم هذا المانفستو البديع ساعة كان رفاقهم الجبهووين يستقوون بكم عام الروز والدم للإطاحة بمخرجات أول انتخابات حرة في تاريخ تونس. وما كان لبيان اليوم أن يكون بهذا الوضوح البديع لو لا أنكم رفعتم شعارا يستهدفهم (يا شيوعي يا طحان) واعتقلتم رفاقهم الطلاب!!!
وعموما مبروك عليكم تفاخر الاعلامي النهضاوي "محمد الحمروني" الذي ترحم (منذ أيام على المباشر) على زمن عرفكم الراحل الذي أورث تونس جهازا ماهرا في التفشيخ!!!
لكننا لم ولن نفقد الثقة في كيمياء الحلڨوم الديموقراطي الذي تستقوي به ثورة المواطنة ل"سڨمنة" الجميع وضحايا وجلادين لبناء دولة مواطنين سواسية أمام القانون.