عندما أتكلم على حكم العائلة كلعنة دائمة للسياسية في بلادنا و ما تسببت و تتسبب و ستسبب في مصائب، لا ينبغي أن ننسى أن أفراد عائلات الحكام أصبحوا أصحاب نفوذ كبير يفوق الدولة و أجهزتها ليس لأنهم عباقرة زمانهم، بل بالعكس.
السبب الرئيسي دائما عبر التاريخ و الحاضر و المستقبل القريب هو العدد الهائل من المتزلفين و المتسلقين و الانتهازيين و المستكرشين و في لغتنا الدارجة الرائعة، كمية "الفارينة الفاخرة" العابرة للأجيال و الجهات و الفئات و مراتب العلم و التعلم.
كان أخ رئيس سابق يجلس في مقهى معروف بتونس و كان كل يوم يرجع إلى منزله بصندوق سيارته ملآن بأموال التوانسة الذين يريدون قضاء حوائجهم.
شخص مؤثر كان على علاقة مع بن علي بدون اي مسؤولية كان له مكتب في تونس و كان قبلة كل من هب و دب من سياسيين و رجال اعمال و مواطنين عاديين.. كل يبحث عن قضاء لحاجة شخصية او مهنية او رخصة او تجاوز لقانون و لا يزال هذا الشخص صاحب تأثير عابر للأنظمة.
لم تتوقف هذه الممارسات مع اي من أنظمة الحكم منذ عقود.. و لن تتوقف لأن العقلية السائدة لم تستوعب هذا المبدأ المعقد الذي يسمى قانونا.. و هذه الممارسة التي لا تصلح الا في البلدان الباردة و التي تسمى : كل الناس سواسية أمام القانون. كل منظومة لها دواوين قضاء الحاجات.. و لها رجالها و نساؤها المؤثرون.. و الذين لا يرد لهم طلب.
لنا اربعة عشر قرنا و نحن نردد ان الله سيغير ما بنا إن تغيرنا.. و لم نتغير.. بل بالعكس نتغير للأسوأ.. و هناك من يتمنى أن تكون الأجيال القادمة أفضل من السابقة.. و أنا أتمنى ذلك من كل قلبي.
المسألة ليست في إستبداد الحكام و عائلاتهم و أقرباء الحكم و إنما هي فينا نحن. و سنظل كذلك إلى أن يغير الله قوما غير هذا القوم.