أغلب الذين أعلنوا عن ترشحهم للإنتخابات الرئاسية و الذين يبلغ عددهم عشرة إلى حد هذه الساعة يعتبرون أن الإنتخابات هدف في حد ذاتها .. غير مفصحين في الواقع عن الهدف من الترشح و هو وضع تونس على سكة المسار الصحيح.
الأغلبية عبرت عن نيتها للترشح من غير بيان الأسباب التي جعلتهم يخوضون هذه المعركة أي بيان مشروعهم السياسي و الذي يتطلب بالضرورة قراءة نقدية لمسار الإنتقال الديمقراطي منذ 2011 و الأسباب التي أدت إلى فشله الذريع سياسيا و إقتصاديا و إجتماعيا. لا بد لي من ذكر إستثناء يكاد يكون وحيدا لمرشح من جملة المترشحين و الذي قدم قراءته لذلك و لكن لم تحظى أطروحته بالنقاش العميق مثل مجمل القضايا الهامة و المصيرية التي نعيشها.
من غير تقييم صحيح لا يمكن أن يكون برنامج الإصلاح واقعيا و ذو جدوى و لذلك فإني من جملة من ينتظرون هذه المعطيات من طرف المترشحين. هذا اللي يهمني قبل كل شيء.
عناصر نجاح أي مرشح أو فشله متعددة و معقدة و لست واثقا أن أغلبية المرشحين إلى اليوم قد قاموا بعملية التقييم الضرورية لها و لأنفسهم خاصة في ظل الوضع الحالي للبلاد سياسيا و مؤسساتيا و إقتصاديا و إجتماعيا .. بل و إني لم أرى عند كل المرشحين اليوم فريقا متكاملا يستطيع إعطاء إنطباع ثقة لحمل مشروع إنقاذ (بالرغم من ضعف كلمة إنقاذ أمام حجم التحديات المطروحة).
هذا علاوة على ما عبر عنه العديدون وهم محقون عن إنعدام الثقة في توفر مناخات إنتخابية و ضمانات تسمح بإجرائها في ظروف ديمقراطية حقيقية و صمت أغلب المرشحين إزاء ذلك.
ما أراه إلى اليوم عند أغلبهم هو نوع من اللامبالاة النرجسية التي تعبر عن ظاهرة سيكولوجية بعدم فهم دقيق لما يتطلبه منصب رئيس دولة لتونس في السنوات القادمة في ظل وضعنا الداخلي و الخارجي و إنعدام تقييم موضوعي لقدراتهم الذاتية و قدرات فريقهم (إن وُجد) على مجابهة الأوضاع.
و هذا ينم عن عدم الجدية و السطحية في التفكير و عدم تغليب المصلحة العليا مع نكران الذات في التعامل و عدم الشعور بخطورة المرحلة لأخذ القرارات المستوجبة لعمل لا يمكن إلا أن يكون جماعيا بالضرورة.
و للحديث بقية ....