نحب نرجع لكلام قيس سعيد في لجنة الصلح الجزائي اليوم و اللي تكلم بقلق كبير ضد الإجراءات و البيروقراطية اللي ما خلاتش فلوس و مليارات الصلح الجزائي تدخل للخزينة و من الموضوعي انو شفنا رئيس الدولة فهم في الأخير محدودية الإمكانيات المالية للدولة التونسية.
و لكن في نفس الوقت نخب نسأل سؤال بسيط : شكون كتب مجلة الإحراءات متاع الصلح الجزائي و المرسوم اللي ينظم عمل اللجنة و شكون حط هاك البيروقراطية اللي مكبلة البلاد في الميادين الكل؟ سؤال و برّا!!!
توا نحب نتكلم على اخطر مسالة في الموضوع و نحب ناخذ مثال باش يكون كلامي مفهوم. باش ناخذ مثال رجل اعمال فاسد حاشاكم و قام بتهرب جبائي كبير أو بتهريب أموال للخارج او بتبييض فلوس في تونس من انشطة غير قانونية.
الشخص هذا مثلا عندو قضايا في المحكمة و هو طلب باش يتعدى قدام لجنة الصلح الجزائي بنية انو يدفع قيمة مالية يقع الاتفاق عليها و بعدها يخرج بملف نظيف و ما عاد حد ينجم يتبعو. نفترضو انو الاجراءات صحيحة و انو الاتفاق حصل بين اللجنة و الشخص هذا و انو دفع المبلغ و انو الملف متاعو ولى نظيف. هل معنى هذا انو البلاد نظافت من الفساد؟ و انو السيد هذا بيدو تاب جملة وحدة و ما عادش يرجع للممارسات اللي كان يعمل فيها؟
هنا يظهر المشكل المنهجي الكبير في حكاية مقاومة الفساد. لانو ثما فرق كبير بين مقاومة المفسدين و مقاومة الفساد.. و اللي ما فهمش هذا و هو في موقع القرار باش ينجح في حاجة برك : تغيير واجهة بواجهة جديدة و لكن المنظومة هي نفسها لانو عدم فهم انو الفساد راهو منظومة كاملة فيها القوانين و الإجراءات و فيها جزء كبير في الإدارة و جزء في الأمن و جزء في القضاء و جزء كبير من عقليات موجودة عند الشعب.. اللي ما فهمش هذا و ما حاولش باش يقضي على المنظومة قبل ما يقضي على الفاسدين هو في الحقيقة قاعد يقوم بتعويم المسألة.
حكاية الصلح الجزائي متوجهة أساسا في فلسفتها باش تعبي كاسة الدولة الفارغة.. و اليوم رئيس الدولة يقول يزي من الخبراء و من المحامين و من الإجراءات.. هو يعرف قداش كل واخد يلزم يدفع و هذا يكفي.. حكاية موش متوجهة باش نقضيو على منظومة الفساد.. باش ما عادش تتعاود الحكايات هذيكا…
و الفرق اكبر بياسر وقت المحاسبة المطلوبة تولي تعبية الكاسة الفارغة متاع الدولة، من غير القضاء على منظومات الفساد. شنوا عملت باش تصلح الجباية متاعك و تولي الرقمنة تمنع البيع و الشراء؟ شنوا عملت باش اتبع خروج الاموال من تونس و تعاود تشوف القوانين اللي قاعدة تحسب الناس الكل مجرمين و في نفس الوقت ما هيش تتصدى للجرائم؟ شنوا عملت باش قوانين و مؤسسات البلاد تخدم في اتجاه واحد؟
باش القيمة القضائية متاع الاشياء هي نفس القيمة الجبائية؟
شنوا عملت باش تعطي للكفاءة حقها علما و انو الفساد يترعرع في جو انعدام الكفاءة؟ آش عملت باش تنحي الاعتباطية في القرارات الادارية و باش الناس الكل من بنزرت لبن قردان كيف تمشي لاي ادارة تلقى نفس الاجراءات و نفس الحقوق و نفس الواجبات؟ و باش تولي الرقمنة هي الضمانة لذلك ؟
بالنسبة لكل عاقل راهو حكاية الصلح الجزائي باش تعطي نتائج عكسية تماما على المدى المتوسط.. ربما تعبي كاسة الدولة ظرفيا و لكنها موش باش تغير في سلوك المنظومات و الاشخاص. بالعكس باش تعطيهم حصانة باش يلقاو طرق جديدة و متطورة أكثر.
بالنسبة لكل عاقل المنهجية المتبعة و الفلسفة هاذي هي إجرام في حق البلاد و حق الأجيال القادمة.