أستاذ أمضى كل حياته يدرس القانون الدستوري.. و يصبح رئيس دولة ، يجمّد دستورا بمرسوم ثم يتهم خصومه بمحاولة الإنقلاب على الدّستور الذي جمّده. لماذا لم يحلّ المجلس؟ يقول أنصاره لأنه سيكون مجبرا بالدستور بتنظيم إنتخابات تشريعية في ظرف أقصاه تسعون يوما. يا للمنطق السّليم و المتطابق... لم نعد نعرف ما بقي في الدّستور من فصول لم يأكلها الحمار.
ثم بالله عليكم هل سيحير من إستعمل الفصل 80 من الدستور ليخرقه خرقا فاضحا ليستحوذ على كل السّلط و يجمّد مجلس النواب و يحل و يعوّض المجلس الأعلى للقضاء و يضع نفسه و مراسيمه فوق كل مسائلة أو طعن في حل مجلس و خرق بعض فصول أخرى من الدّستور.
أنا لست مع رجوع مجلس نواب الشعب و لا للرجوع إلى ما قبل 25 جويلية و لكني مع المنطق السليم المفقود. أنا مع حوار سريع يفضي إلى تغيير القانون الإنتخابي الحالي ثم إستفتاء عليه، يقع إثر *ذلك تنظيم إنتخابات تشريعية جديدة بهيئة إنتخابات تقع مراجعة تركيبتها بعد الإستفتاء المذكور.
الإنتخابات التشريعية الجديدة لا بدّ أن تفرض على كل قائمة برنامجا سياسيا و إقتصاديا و إجتماعيا يقع نشره قبل موعد الإنتخابات. أثناء الحملة يتعهد الإعلام بنقاش البرامج من غير كل المسائل الخارجة عن ذلك و بتنظيم مناظرات بين مختلف المترشحين.
يشتغل المجلس المنتخب على تحوير الدستور و تقع المصادقة عليه عبر إستفتاء شعبي.. ثم تقع إنتخابات رئاسية جديدة بالصلاحيات الدستورية الجديدة و كذلك تعيين حكومة بصلاحياتها الجديدة حسب البرنامج الإنتخابي الفائز.
يقع كذلك إنتخاب و تعيين أعضاء المحكمة الدستورية بفصول الدستور الجديدة التي تضمن إستقلالية كاملة و غير مشروطة لأعضاء المجلس. و يقع إنتخاب و تعيين مجلس أعلى للقضاء تحت مراقبة المحكمة الدستورية.
و يقع متزامنا مع ذلك تعيين أعضاء مجلس إقتصادي و إجتماعي يضم الأطراف الإجتماعية و منظمات من المجتمع المدني و ممثلين للحكومة يكون موقعا للحوار الإجتماعي و لمناقشة البرنامج الحكومي و كل ما يتعلق بالمسائل الإقتصادية و الإجتماعية.
المسألة الهامة هي أي تنظيم إداري للسّلطة المحلّية؟ هو نقاش لم يقع تناوله كما ينبغي. تونس بلد لا يحتاح إلى ثلاث مستويات (البلديات و الجهات و الأقاليم) التي نص عليها الباب السابع من دستور 2014.
هذه المسألة تحتاج إلى نقاش معمق بالإعتماد على الارقام و المعطيات البشرية و الإقتصادية و الإجتماعية و كذلك على مسألة التفاوت الفئوي و الجهوي و كذلك علي مخططات التعيئة الترابية و العمرانية.. و لذلك ربما من الافضل ان يقع تحوير الدستور من غير فرض مسبق لهذه المسألة الهامة.
يقول ديكارت ان "المنطق السليم هو الشيء الأعدل توزيعا لدى الجنس البشري" . لم يكن الفيلسوف ليقول ذلك لو كان معنا اايوم. و لكني أرجو أن يصبح ذلك صحيحا في بلادنا بالرجوع إلى الصواب و الجادة و إجتناب الفتنة و التحارب و كل ما من شأنه تقسيم المجتمع.