أريد معرفة ما هي الفائدة من تدمير مجمع إقتصادي يشغل 36 ألف موظف و ربما مثلهم في عقود مناولة و أكثر من 1500 مزود جلهم مؤسسات صغرى يواجه جلها الإفلاس لعدم خلاص مستحقاتهم ؟
من له منفعة في إفلاس مجمع مبروك و التي وضعت تحت متصرف قضائي مهمته كما يفهمها إيقاف صرف الأجور و مستحقات الشركات المزودة و كذلك إيقاف التعاملات البنكية للمجمع. لماذا لا يفهم هؤلاء المتصرفون القضائيون للأملاك المصادرة أن مهمتهم الأساسية هي الحفاظ على المؤسسة و نشاطها و المحافظة على مواطن الشغل فيها و عدم المساس بالنسيج الإقتصادي المتعامل معها؟
نحن مع تطبيق القانون على الجميع و نحن مع الحفاظ على مؤسساتنا الإقتصادية علما و أن القوانين التونسية لا تعاقب بالسجن المخالفات الجبائية أو الديوانية. و لكن لا شيء يمنع السلطة القضائية و كذلك السلطة السياسية وراءها من وضع آليات للحفاظ على المؤسسة و العاملين فيها و المتعاملين معها.
عندما تواجه الدولة رجل أعمال مارق عن القانون ..من حقها متابعته بالقانون و لكن ليس من حقها أن تكون مارقة أي لا تطبق قوانينها على نفسها أو أن تطبقها حسب مزاجها.
مسألة عقلانية و حكمة حوكمة في التعامل .. تنأى بالدولة من منطق التشفي و الهدم.
وزيرة المالية سهام البوغديري
نقلت وكالة الأنباء التونسية عن وزيرة المالية سهام البوغديري اليوم الخميس قولها إن تونس تمكنت من سداد نحو 93% من التزامات خدمة الديون الخارجية حتى نهاية نوفمبر 2023.
سنقف وراء هذا التصريح و وراء الأرقام لوزارة المالية و أرقام التجارة الخارجية للمعهد الوطني للإحصاء مع شكري الخالص لهذه المؤسسات على الجهد المبذول لتوفير هذه المعطيات.
قانون المالية لسنة 2023 أقر مبلغا إجماليا لخدمة الدين الخارجي ب 8954 مليون دينار (أصل و فائدة). إلى موفى سبتمبر 2023، وقع سداد 5347 م.د. أي 60%.
قانون المالية التكميلي لسنة 2023 شهد نقصا ب 186م.د ليصبح مبلغ خدمة الدين الإجمالي 8759 م.د.
نسبة 93% التي ذكرتها الوزيرة لا توجد في أرقام الوزارة و هي تعني سدادا إضافيا ب 2800 م.د في شهري أكتوبر و نوفمبر مع بقاء مبلغ 613 م.د للسداد لسنة 2023.
حاجيات الدعم كما بينها قانون المالية التكميلي شهدت زيادة ب 2643 م.د. لتصبح 11475 م.د : محروقات 7030 و مواد أساسية 3805.
في القانون التكميلي بلغت نفقات الدعم المسجلة إلى موفى أوت 473 م.د للمواد الأساسية (نسبة إنجاز 12%) و 3184 م.د للمحروقات(نسبة إنجاز 45%). كما بلغت ميزانية الإستثمار العمومي المقدرة ب 4693 نفذ منها 2987 م.د إلى موفى سبتمبر ،(نسبة إنجاز 64%).
حاجيات ميزانية 2023 : لتمويل الميزانية ، قدر قانون المالية في نسخته الأصلية الإقتراض الخارجي بمبلغ 14859 م.د لم يمكن للدولة التونسية إلى موفى سبتمبر إلا توفير 4106 م.د. منهم (28%) بظروف إقتراض غير منشورة مما أدى إلى تراجع حاجيات الإقتراض الخارجي في القانون التكميلي إلى 10563 م.د. (توفير 4296 م.د).
لتمويل الميزانية المقدر ب 8504 م.د من الإقتراض الخارجي، لم تتحصل الدولة إلى موفى سبتمبر إلا على 3075 م.د (36%) من المصادر التالية :
- البنك الإفريقي للإيراد و التصدير 1355 م.د.
- العربية السعودية. 1253 م.د.
- اليابان. 234 م.د
- البنك الدولي 199 م.د.
- الوكالة الفرنسية للتنمية. 33 م.د
و من المنتظر حسب وثيقة الميزانية التكميلية التحصل على قروض خارجية بقيمة 5429 م.د (!) و بذلك يرتفع الدين الإجمالي للدولة لمبلغ 127164 م.د. مما يمثل نسبة 80,20% من الناتج المحلي.
هذه الأرقام تبين مدى دنو الانجازات بالنظر إلى التوقعات و لكن و مع هذا أمكن للدولة التونسية إرجاع 93% من استحقاقات الدين الخارجي و قد أمكن ذلك بفضل عوامل أخرى من أهمها مداخيل السياحة و الفلاحة و تحويلات التونسيين بالخارج.
و قد بلغت هذه الإيرادات إلى حدود أوت 2023 مبلغ 5166 م.د للسياحة و 5121 لتحويلات المواطنين بالخارج و مبلغ 3300 (؟) للفلاحة لزيت الزيتون أساسا.
هذا علاوة على عمليات إقتراض الدولة بالعملة الصعبة لدى البنوك التونسية و التي بلغت قيمتها هذه السنة مبلغ 1150 م.د.
ما يجب إستنتاجه من كل هذه المعطيات بالنسبة إلى تصريح وزيرة المالية :
أولا - من الأجدى تغيير عبارة "التعويل على الذات" بعبارة " عدم التعويل على صندوق النقد " و ذلك لأن التعويل على الإقتراض الخارجي هو معطى أساسي للحكومة كما تبينه أرقام وزارة المالية، شعار شعبوي غير مطبق في الواقع.
ثانيا- لابد من ذكر إنعدام شفافية أرقام الإقتراض الخارجي و خاصة نسب الفائدة و مدة القرض و هي معطيات غير متوفرة مما يستطيع أن يوحي بنسب فائدة أعلى مما كنا نقترض به.
ثالثا- من الأصح أن تغير وزيرة المالية عبارة "تونس تمكنت من سداد 93% من إلتزامات خدمة الدين" بالعبارة التالية : "نظرا لشح الموارد المالية بالعملة الصعبة فإن الحكومة التونسية أعطت الأولوية لسداد إلتزامات خدمة الدين على حساب الإمدادات الضرورية للمواد الأساسية مما أدى سلبا إلى فقدان العديد منها على غرار مشتقات الحبوب و السكر و القهوة و الأرز و مما أثر سلبا على التزويد المنتظم للمحروقات".
رابعا- الإحتكار في موضوع المواد الأساسي هو نتيجة لفقدانها خاصة و أن مسؤولية توفيرها هي على عاتق الدولة بصفة 100% و هو بذلك ليس سببا بل نتيجة خلافا لما يروح له الخطاب الرسمي و الذي تكذبه كل الأرقام المبينة أعلاه.