تتواتر منذ مدّة تسريبات بواسطة كاميرا الهواتف من قاعات التدريس.. هوس جديد يأخذ هذا البلد نحو " الجنون " ! بعضها شكّل قضايا رأي عام ومحاكمات عامّة وبعضها قادم لاشكّ لمزيد الإثارة! لماذا القسم بالذات أصبح مثارا لكلّ هذا الهوس ؟ ألأنّ الأستاذ - ذاك الموظّف "الغلبان" - هو الحلقة الأضعف؟ هل للمسألة علاقة برغبة جيل الهواتف الذكية في كسر "سلطة الدرس" الفاقد لكل جدوى؟!..
كلّما ظهر فيديو أو صورة انقسم الناس - تحت ألف علّة وذريعة - بين مناصر متفّهم للتلميذ ومشنّع ب"خراب المؤسسة التربوية".. ولا يخرج الأمر عن هذه التموقعات! وفي الحقيقة عندي مما أقوله في هذا الباب كثير بعد ثلاثين سنة من "تعليم الصبيان " - ولكن لا أرى فائدة من هذا ربما لأني بلغت "سنّ اليأس" التربوي. غير أنّي أصبحت مشغولا كأغلب زملائي بمسائل يكتمها أغلبنا.
لا أعتقد أن أغلبنا يخشي تلاميذه أو قد يتهيّب من أن يمارسوا عليه عنفًا، الذي نخشاه فعلا - وهو من المسكوت عنه - هو احساسنا بأنّنا واقعون تحت رقابة من نوع آخر : رقابة الهواتف الجوّالة التي لا نعلم متي وكيف وفي أية وضعية تصوّرنا ثمّ تسرّب ذلك إلى المواقع الإفتراضية للتندّر بنا ؟
أتدري ما معني أن تقوم بدرسك وأن تمارس رقابة ذاتية على نصّ في "الغزل الإباحي" لمراهقين؟..أليس القسم هو فضاء "خاصّ" ولا وجه لتحويله إلي فضاء عامّ مكشوف؟ لماذا نركّز فقط على محتوي ما يرد في الفيديو فننصب المحاكمات ونغفل "اليد المجرمة" التي قامت بالتصوير والتسريب؟!
في الحقيقة هذا الموضوع مثير للغثيان...فاللهمّ بلّغنا التقاعد سالمين!