وكان آخر عهد ل"عبد الله الأخشيدي" عندما بال في حجره "عبد الله المعياري" فاستقذره النّاس وعلموا أنّ بول عبد الله الثّاني أقذر ريحةً من بولِ الثّعلب..
ولمّا طابت نفس "المعياري" وشفى صدره قام إلى مجلسه وهو سادرٌ كوعلٍ جبليّ فانجذب إليه جُلاّسُه خاضعين لمجاله. كان يشمّر عن سرواله فتظهر ركبتاه ويلفّ جبّته في تربيعته المعتادة واضعًا كتاب "علم المعيار" في حجره ويطوف على المجلس بعين لا تطرف. فلا هو نطق ولاهم نبسوا.. فقد كانوا ينتظرون تقريعًا مرًّا منه لانضمامهم للمجلس " الأخشيدي" حتى بلغهم من رذاذ بوله يومئذ، فثقل عليهم صمته..
قال :" هاني دسّيتهالكم هذي"! وزمّ شفتيه وأردف :" تراش نسمع في حكاية خاطية ها النّهارين.. ايش ثمّة؟".. فتنافس رفاقه في الجواب. قال واحد :" ماهو قالوا تيديروا قنطرة ع الجُرف" قال آخر :" لا يا راجل قالوا تيحفروا بير آرتوازي" قال غيرهما :" لا هذي ولا هذي كلّه ما منه شي يا سي عبد الله.. قالوا ناويين على شركات استهلالية ولاّ تراش من أخذة ".. قال رابعهم وكان مشغولا بأتان له تنهق فصاح :" هاي ردّوا هاك البهيم على الجّحشة "ثم إلتفت إلى المجلس وقال :" الانتخاب يا سي عبد الله الانتخاب .."وإنثنى من جديد مشغولا ب" الجحشة "!
قال عبد الله المعياري وهو يدقّ علي كتابه بإصبعه :" قعدتّو كان خرّيط مرّيط على الصناديق.. الله يفرتك صندوقكم! .. تي ماهو ماجاه حدّ كان العرجي والبرجي والمكسّر قرنها!.. وزعيط ومعيط وخانب مغزل أمّه..! ريتو هاك الجّحشة؟ " فالتفتوا بأجمهم نحوها وقد ارتفع نهيقها والحمار مقبل نحوها.. قالوا :" شبيها؟!".. قال :" هذاكه هو الانتخاب "!
لم يفهموا، وعقد الخوف ألسنتهم ليسألوه القصد غير أنّي كنت قريبا لأسمع فقلت :" إيش معناها عمّي عبد الله؟! " فصاح في وجهي :" إذهب من هني يا طفل.. ماني قتلك ما ناش قدر واحد ؟!..
ابتعدت وأنا ألتفت للمجلس المعياري فإذا بهم جميعهم يتابعون بشغف " المشهد الانتخابي"