قام النظام الإيراني على العداء لأمريكا التي كانت وراء الانقلاب على ثورة مصدق ودعمت الشاه رضا بهلوي الذي حكم إيران بقوة الحديد والنار ورعب جهاز السافاك الدموي.
بالنسبة لأمريكا مثلت الثورة الإسلامية في إيران مساسا بالتوازنات في المنطقة، ولذلك تحول تفكيك النظام الإيراني وإنهاء حكمه إلى هدف للسياسة الأمريكية في المنطقة، وكانت حرب الخليج الأولى من ضمن الوسائل التي استعملت لبلوغ هذا الهدف.
بصرف النظر عن التطورات التي حدثت خلال أربعة عقود ونصف فإن إضعاف إيران واحتواءها بقي هدفا ثابتا في السياسة الأمريكية في المنطقة، ويمكن العودة إلى الوثائق الأمريكية لمتابعة كيف تطورت وسائل تحقيق هذا الهدف.
المشروع النووي الإيراني تحول إلى مركز الاهتمام الأمريكي ورسخ هدف احتواء إيران (في مرحلة كان الهدف هو الاحتواء المزدوج لإيران والعراق قبل حرب 2003 التي أسقطت نظام الحكم في العراق وحلت الجيش العراقي).
تعامل إيران مع أمريكا تطور بتطور الأوضاع الدولية، ورغم أن المواقف تبدو ملتبسة من بعض القضايا في فترات محددة فإن أمريكا تبقى بالنسبة لنظام الحكم في إيران خطرا يهدد استمراره، والتعامل مع هذا الخطر تحول في مواقف كثيرة إلى تجنب المواجهة مع القوة العظمى.
عندما قامت الجمهورية الإسلامية على أنقاض حكم الشاه رفع الخميني شعار " أمريكا والاتحاد السوفياتي معا يمثلان الشيطان الأكبر" وقبل وفاته أوصى ببناء علاقة متميزة مع روسيا، كانت تلك الوصية خلاصة تجربة مريرة في مواجهة النظام العالمي، وقد انتهى الأمر إلى ما نرى اليوم في علاقات إيران الدولية.
بقي الكيان يمثل خطرا وجوديا على استمرار النظام في إيران، واشتد هذا الخطر بسبب المشروع النووي الإيراني لأن الكيان يعتبر امتلاك البلدان العربية والإسلامية للسلاح النووي تهديدا وجوديا له (حتى باكستان الحليفة لأمريكا عبرت من مخاوفها من تدمير الكيان لمشروعها ولأسلحتها بعد نجاحها في امتلاك القنبلة).
حتى إذا كنت لا تؤمن بأن إيران تتبنى الدفاع عن القدس وفلسطين على أساس المبادئ والقناعات فإن ما تقدم يجعلها جزء من الصراع بدافع المصلحة الحيوية في البقاء.
الذين يحفرون خنادق الفتنة اليوم ويروجون للخطر الشيعي كانوا أصدقاء الشاه، ومعيارهم لفرز العدو من الصديق هو العلاقة مع أمريكا، يعادون من تعادي أمريكا ويصادقون من تصادق، فهم مدينون بوجودهم واستمرار كياناتهم ورغد عيشهم لأمريكا وهذه عندهم عقيدة لا تتزعزع.