بعد شهرين من انتشار الأكاذيب كما النار في الهشيم، صحيفة «ليبيراسيون» الفرنسية تراجع نفسها وتنضم إلى قافلة المكذِّبين: روايات قطع رؤوس الأطفال الإسرائيليين واغتصاب النساء الإسرائيليات وحرق بيوتهم من قبل مقاتلي «حماس» …. كلها زائفة ومبنية على شهادات كاذبة.
بعد تحقيقات «يديعوت أحرونوت» و «ها آرتس» الإسرائيليتين، وسواهما من الصحف الأجنبية، انضمت «ليبراسيون» الفرنسية إلى قائمة الصحف التي كشفت أكاذيب الدعاية الأسرائيلية الأميركية عن جرائم حماس في كيبوتسات غزة يوم 7 أكتوبر الماضي.
الصحيفة الفرنسية، التي كانت في طليعة الصحف الغربية التي شاركت في نشر الأكاذيب والفبركات يوم 7 أكتوبر، راجعت نفسها و نشرت تحقيقاً مطولاً قالت فيه إن فريق التحقيق الخاص بها، الذي وصل إلى كيبوتسات «غلاف غزة» منذ أكتوبر الماضي، أنجز على مدى الشهرين الماضيين تحقيقاً مطولاً تبين له في النهاية أن الروايات الإسرائيلية حول قطع رِوس الأطفال واغتصاب النساء وبقر بطن الحوامل، زائفة. وكان هدفها تأليب الرأي العام الدولي وحشد الدعم من أجل عملية انتقامية ضد غزة.
وقالت الصحيفة إن البيانات المتاحة تؤكد أن الفظائع الموصوفة في البداية لم تحدث. وتتعلق هذه الشهادات الكاذبة بشكل شبه خاص بمزاعم إساءة معاملة الأطفال، والتي كانت في قلب الحرب الإعلامية التي بدأت قبل شهرين، وقد تم تناقلها لأسابيع من قبل رجال الإنقاذ المتطوعين والجنود أو مسؤولي الجيش الإسرائيلي، ولكن أيضًا من قبل رأس الدولة والدبلوماسية الإسرائيلية. وكانت مادة دسمة للصحافة العالمية، وكذلك القادة السياسيين الغربيين.
وبحسب تحقيق الصحيفة، فإن بنيامين نتنياهو و زوجته وزارة الخارجية الإسرائيلية وحتى المحامية ميخال هرتسوغ، زوجة الرئيس يتسحاق هرتسوغ، نشروا الأكاذيب عن عمد، أحياناً في محادثات دبلوماسية على أعلى المستويات، بهدف حشد الدعم من الرأي العام الدولي.
وخلص التحقيق إن أول من وقف وراء فبركة هذه الأكاذيب مراسلة قناة «i24News » الإسرائيلية الناطقة بالإنكليزية، نيكول زيديك، التي زعمت أن أربعين طفلاً جرى قطع رؤوسهم، ثم تلاها ضباط إسرائيليون ومنظمات «خيرية» إسرائيلية، ومجلة نيوزويك الأميركية في 27 أكتوبر، التي نشرت تقريراً، بناء على رسالة من السفارة الإسرائيلية في واشنطن، تحت عنوان «صمت السلطات الدولية في مواجهة عمليات الاغتصاب الجماعية التي ترتكبها حماس هو خيانة لجميع النساء»، وعلى شهادة من المحامية ميخال هيرتزوغ ( زوجة الرئيس الإسرائيلي) زعمت فيها أنها رأت شريطاً « يظهر إرهابيي حماس في أحد الكيبوتسات وهم يعذبون امرأة حامل ويستخرجون جنينها! ».
أما المنظمة التي لعبت الدور الأكثر إجرامية في تلفيق هذه القصص فهي United Hatzalahالتي تجمع المتطوعين وعمال الطوارئ وعمال الإسعاف للتدخل في مواقع الكوارث في إسرائيل.
تبقى الإشارة إلى أن الصحف الإسرائيلية كانت اعترفت لاحقاً بأن القتلى المدنيين الإسرائيليين يوم 7 أكتوبر سقطوا بنيران الدبابات وطائرات "أباتشي" الإسرائيلية التي تلقى طياروها أوامر بتنفيذ "بروتوكول هانيبال"( أي قتل الأسرى والآسرين معاً).
ومع ذلك، لا يزال المعارض السوري الفذ "ياسين الحاج صالح"، صاحب موقع "الجمهورية"، الممول من زعيم مافيا النفط "ايمن أصفري" ومن المخابرات الألمانية(عبر منظمات واجهة)، غير مقتنع.. فهو متأكد من أنه ليس "حماس" فقط، بل "الجهاد الإسلامي" أيضاً(رغم أنها لم تشارك في غارة 7 أكتوبر!! )، أقدمتا على اغتصاب النساء الإسرائيليات وقطع رؤوس أطفالهن و حرق وتدمير البيوت في المستعمرات الإسرائيلية! وبناء على ذلك، لا يزال يوقّع بيانات دولية تتهم "حماس" و"الجهاد" بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وسائل الإعلام الإسرائيلية بدأت حملة «تنظيف» لمواقعها من الشهادات الكاذبة حول هجوم 7 أكتوبر !!
حرصت منذ 7 أكتوبر الماضي على حفظ جميع التقارير الإسرائيلية التي تتضمن شهادات كاذبة عما جرى يوم هجوم «حماس»، لاسيما منها وسائل الإعلام الرسمية التي تمولها الحكومة ( الشبكة العامة الإسرائيلية للبث الإذاعي والتلفزيوني). إلا أني لاحظت اليوم بالمصادفة، حين أردت العودة إلى تقرير لقناة «كان 11»، أن وسائل الإعلام الإسرائيلية بدأت حملة تنظيف لمواقعها بعد انكشاف فضيحة التلفيق والتزوير في أرجاء العالم. ولكن السؤال: ماذا سيفعلون بتلك المواد التي احتفظ بها الناس حول العالم منذ اللحظات الأولى بعد 7 أكتوبر في أكبر تعريصة دجل وتلفيق إعلامية لايضاهيها إلا ما نشر عن الأحداث السورية في العام 2011 وما بعد!؟ ( بالمناسبة: هل تتذكرون قصص التوابيت الفارغة التي كان يحملها المتظاهرون في «داريا» و«دوما» منذ الساعات الأولى في آذار 2011 على أنها توابيت لضحايا قتلهم النظام، والتي صودف ذات مرة أن الرياح قذفت بغطاء أحدها فانفضح الأمر حين تبين أنه فارغ!؟ أو قصة مجزرة غوطة دمشق الكيمياوية، التي اقترفها المجرم «زهران علوش» بقذائف كيميائية شحنتها الولايات المتحدة وتركيا من بقايا ترسانة «القذافي» في العام 2013، كما كشف صحفي التحقيقات الأشهر في عصرنا «سيمور هيرش»، من أجل اتهام النظام بالوقوف وراءها!؟).
قناة «كان 11»، مثلاً، وهي إحدى شاشات شبكة البث الإسرائيلية الرسمية،كانت كان نشرت شهادات لناجين مزعومين من «مذبحة حماس» تتضمن شهادة للفنان «نيكو أوستروجاNiko Ostroga» ادعى فيها أنه شاهد 29 شخصاً من أصدقائه يُذبحون على أيدي مقاتلي «حماس» خلال مهرجان الموسيقى يوم 7 أكتوبر. ويتضمن التقرير أيضاً شهادة من المدعو « يوني سعدون Yoni Saadon »، وهو رجل غامض برز من عالم الغيب، ادعى أنه شاهد عشرة من إرهابيي حماس يغتصبون بالتناوب امرأة ذات وجه ملائكي في حقل»، وهو ما زعمه «أوستروجا» أيضاً! وقد تبين لاحقاً أن الفنان المحتال لم يحضر الحفل أصلاً، ولم يكن مدعواً إليه، وأنه «لفق شهادته من أجل الحصول على تعويضات مالية من الحكومة الإسرائيلية! ».
وكانت شهادة هذين النصّابين أحد المصادر التي اعتمد عليها الإعلام العالمي، بمن في ذلك المعارض السوري البارز «ياسين الحاج صالح» و زملاؤه الإسرائيليون والغربيون الذين نشروا قبل ثلاثة أيام بياناً يتهم «حماس» و«الجهاد الإسلامي» بارتكاب جرائم حرب ضد النساء والأطفال الإسرائيليين، بما في ذلك عمليات الاغتصاب.
هنا تقرير موقع «والا» الإخباري الإسرائيلي يكشف عن حملة تنظيف وسائل الإعلام الإسرائيلية من تلك الشهادات الملفقة، لاسيما منها وسائل الإعلام الحكومية.