استهداف قاعدة «ميرون/ الجرمق» لإدارة العمليات الجوية بـ62 صاروخاً واندلاع النيران فيها
من التاريخ: في 8 حرب أكتوبر 1973 قُصفت القاعدة من قبل الفرقة الخامسة في الجيش السوري، فردت إسرائيل بتدمير«رادار جبل الباروك» في لبنان في اليوم التالي بناء على طلب الرئيس «سليمان فرنجية»، وبعدها مباشرة«المركز الثقافي السوفييتي» بدمشق وسفينة «إيليا ميشينكوف» التي كانت تنقل توربينات سد الفرات!
في اليوم الثالث من حرب أكتوبر 1973 قصفت الفرقة الخامسة في الجيش السوري قاعدة «ميرون» لإدارة العمليات الجوية في «جبل الجرمق» و«قاعدة رامات دافيد» جنوب شرق حيفا بصواريخ فروغ، ودمرت معظمهما. وتعتبر قاعدة «ميرون» أهم قاعدة في إسرائيل لإدارة العمليات الجوية والاستطلاع الجوي، إذ تغطي سوريا وشرقي البحر المتوسط والأردن وتركيا والعراق. وهي التي أدارت عملية قصف "الضاحية الجنوبية" واغتيال الشهيد "صالح العاروري".
بسبب حجم الضربة في 8 أكتوبر 1973، قررت إسرائيل الرد بضربة نوعية، ولأنه لم يكن لدى سوريا قاعدة استطلاع جوي/ إنذار مبكر من هذا النوع في ذلك الوقت، قررت الضرب في مكان آخر. ففي اليوم نفسه اجتمع السفير الأميركي في بيروت «وليم بورنسايد بوفم William B. Buffum» مع الرئيس «سليمان فرنجية» (صديق «حافظ الأسد» القديم!) واستمزج رأيه بشأن قيام إسرائيل بتدمير «رادار جبل الباروك» في لبنان، الذي كان يشكل محطة إنذار مبكر للجيش السوري وإدارة عملياته الجوية في سماء لبنان وشمال فلسطين منذ ما قبل العام 1967 ، بموجب ترتيب من "مجلس الدفاع العربي المشترك" في جامعة الدول العربية التي كانت اشترته من موازنتها لصالح الجيش اللبناني. وكان الرادار فرنسياً من نوع MPR المتطور جداً،والذي يمتاز بالقدرة على مسح الأهداف الجوية المعادية البعيدة ما فوق أو ماوراء الأفق Загоризонтный Pадиолокатор في دائرة نصف قطرها لا يقلّ عن 400 كم،بحيث أنه يغطي فلسطين المحتلة بكاملها، وصولاً إلى تركيا وقبرص شمالاً وغرباً، وسيناء وشمال السعودية جنوباً. وكان الجيش المصري يعتمد على رادار مماثل في «جبال عجلون» الأردنية، وفق ترتيب مماثل من "مجلس الدفاع العربي المشترك" في الجامعة العربية.
وبحسب برقية لمحطة استخبارات ألمانيا الشرقية في بيروت ، كان رد الرئيس «فرنجية» على السفير الأميركي «إن لبنان لا يسمح للجيش السوري أو غيره باستخدام أراضيه لإلحاق الضرر بإسرائيل تحت أي ظرف كان،سواء خلال أوقات الحرب أو خارجها»، وإنه«بإمكان الإسرائيليين أن يُريحوا لبنان من هذا الإحراج و الصداع بالطريقة التي يرونها مناسبة»،الأمر الذي فهمه الإسرائيليون على أنه «دعوة لبنانية رسمية»لهم لتدمير المحطة، فعمدوا إلى تلبية الدعوة في اليوم التالي، ولكن بعد أن أبلغوا اللبنانيين بموعد الضربة لكي يتم إبعاد الجنود اللبنانيين مسبقاً من المكان». ولم يكتفوا بذلك، بل عمدوا إلى إغراق سفينة «إيليا ميتشنيكوف Илья Мечников» السوفييتية في ميناء طرطوس، والتي كانت تنقل 25 ألف طن من المعدات الهندسية الخاصة بسد الفرات (توربيات توليد الكهرباء وملحقاتها)، وتدمير المركز الثقافي السوفييتي في دمشق!
وطبقاً لتقرير محطة استخبارات ألمانيا الشرقية نفسه،فإن محطة الـCIA في السفارة الأميركية في بيروت،كانت تتلقى،منذ مطلع العام 1969على الأقل،معلوماتٍ عن الخدمة التي يقدمها«رادار الباروك» لسلاح الجو السوري، عن طريق رئيس أركان الجيش اللبناني اللواء جوزيف (يوسف؟) شميط Josef A. Chmeit«الذي كان مجنداً رسمياً لصالح المخابرات البريطانية والأميركية بمعرفة وغطاء من مرجعه السياسي كمال جنبلاط، وعلى علاقة وثيقة بالسفير البريطاني سيسيل كينغ والسفير الأميركي دوايت بورتر Dwight Porter».واعتباراً من العام 1971،خصوصاً بعد إحالة شميط على التقاعد صيف ذلك العام،أصبحت التقارير المتعلقة بأنشطة «الرادار» تُرسَل حصرياً إلى ضابط في محطة الـ CIAفي السفارة يدعى روبرت أوكلي Robert Oakley، الذي كان في الأصل ضابطاً في استخبارات البحرية الأميركية.وكان أوكلي يتلقى هذه التقارير مباشرة من قائد الجيش، العماد اسكندر غانم،وأحياناً من رئيس جهاز مخابراته العسكرية، العقيد جول بستاني، قبل أن يجري تحويل مضامينِها على الفور إلى الإسرائيليين، إن لم يكن هؤلاء قد تلقّوها مباشرة بفضل نفوذهم الاستخباري الواسع داخل المؤسسات الأمنية والعسكرية والسياسية اللبنانية، كما جاء في ملف«حرب أكتوبر»في «أرشيف فولف»عن القضية(1).
الهوامش
(1) ـ فيكتور إسرائيليان : «داخل الكريملن خلال حرب أكتوبر وما بعدها ...»،الجزء الأول، ص 236 وما بعد.
(2) ـ شريط يتضمن صوراً من إرشيف وزارة الدفاع السوفييتية يظهر السفينة بعد قصفها من قبل طوربيدات البحرية الإسرائيلية، وقبيل غرقها في ميناء طرطوس.
https://www.youtube.com/watch?app=desktop&v=VGXDoVlgQZw…