هذه العائلة إحدى عجائب الدنيا التي تستحق التأمل: لا يولد فيها شخص واحد، ذكراً كان أم أنثى، إلا ويولد جاسوساً من رحم أمه، منذ جدهم الأول "الشريف الجاسوس حسين"، تلميذ مكماهون. ربما، ولست متأكداً، و لكي لا أكون ظالماً، الوحيد الذي لم يتورط في التجسس هو الملك طلال. ولهذا، وبعد عام واحد من ولايته، ركّبوا له صيف العام 1952 قصة المرض العقلي بالتواطؤ بين قائد الجيش الأردني(الجنرال البريطاني "جون باغوت غلوب"، الذي كان يلقبه الأردنيون "أبو حنيك")، والمخابرات الأميركية، وابنه البكر الجاسوس المخضرم حسين (والد الكر الحالي)، وعزلوه قبل أن يرسلوه إلى "مصح عقلي" في سويسرا تحت حراسة مشددة من قبل المخابرات البريطانية!
في البرقيات الديبلوماسية الغربية توصف المخابرات الأردنية، على سبيل التندر، بـ "فرع الموساد الأردني"! وفي مقر المخابرات الأردنية، القديم والجديد، ومنذ تأسيسها على يد المخابرات البريطانية في العام 1964على أنقاض "جهاز المباحث"، يوجد فيها مكتبان دائمان في طابق واحد، الأول خاص بالمخابرات البريطانية والثاني بالمخابرات الأميركية.
الأول يسمى "مكتب الارتباط والتنسيق مع MI6" والثاني مكتب الارتباط والتنسيق معCIA ". وبعد العام 1994، أنشىء مكتب ثالث تابع للموساد الإسرائيلي تحت اسم مضلل يدعى "دائرة مكافحة الأنشطة الشيعية"! وهذه الدائرة الأخيرة هي التي نسقت الجانب اللوجستي في عملية اغتيال "عماد مغنية"، بالتعاون والتنسيق مع مدير المكتب العسكري الخاص لبشار الأسد، العميد الجاسوس "محمد سليمان"، ورئيس الضابطة الجمركية السورية آنذاك "العميد حسن مخلوف"، الذي وفر لهم سيارات الدفع الرباعي من المنطقة الحرة في "درعا" لكي يدخلوا ويهربوا بها، بالإضافة طبعاً لسيارات أردنية تحمل لوحات ديبلوماسية، كان يركب فيها مرافق "خالد مشعل" ( أسير سابق في إسرائيل جندته الموساد خلال فترة أسره، لكن اسمه لا يحضرني الآن. ومن المعتقد، وفق رواية أخرى، أنه جند من قبل المخابرات الأردنية أولاً، ثم قامت هذه الأخيرة بـ"إهدائه" إلى "الموساد"!؟ ).
لا يوجد جهاز استخبارات في العالم يخترق مؤسسات الدولة السورية مثل المخابرات الأردنية، منذ أواسط الستينيات حتى اليوم. ودائماً أنشطته في سوريا مقاولة من الباطن لصالح "الموساد".
في حرب تشرين وحدها كان للمخابرات الأردنية أربعة جنرالات على الأقل في قيادة الجيش السوري، وكانوا جميعاً جواسيس لإسرائيل من خلال المخابرات الأردنية (الأرجح دون علمهم). وبفضلهم علم "حسين" موعد وتاريخ الحرب فذهب في 25 أيلول / سبتمبر ليبلغ "غولدامائير" بهذه المعلومات. لكن ضباطها لم يصدقوه!