هل شارك السوريون و /أو الروس في حفلة الدفاع عن إسرائيل على غرار الهاشميين الصهاينة؟
فجر يوم أمس، وعند حوالي الرابعة صباحاً بالتوقيت المحلي، سمع السوريون في أربع أو خمس محافظات (دمشق وريفها، السويداء ، درعا، حمص ، حماة) دوي انفجارات كبيرة في السماء ترافقت مع عبور الطائرات والصواريخ الإيرانية نحو الجليل شمال فلسطين. واللافت أن إعلام النظام سكت تماماً عما جرى، بينما سجلته عدسات المواطنين في تلك المناطق.
الأهداف الإيرانية التي أسقِطت في المنطقة الجنوبية (السويداء ودرعا) من المفهوم والمنطقي أن يكون جرى إسقاطها أو التصدي لها من قبل «الجيش العربي الصهيوني الأردني» وحلفائه الأميركيين والفرنسيين والبريطانيين والإسرائيليين، كما أصبح واضحاً باعتراف هذه الأطراف جميعها. وهو ما ينطبق على المنطقة الشرقية من سوريا، حيث تحتل القوات الأميركية مناطق واسعة وتنصب بطاريات دفاع جوي. ولكن من أسقط أو حاول إسقاط الطائرات والصواريخ الإيرانية في حمص وحماة وريف دمشق، وهي مناطق تدخل في "حصة روسيا" كما حددها التقاسم الوظيفي مع واشنطن؟
من المعروف أن هناك تقاسماً وظيفياً للمجال الجوي السوري بين ثالوث الصهيونية العالمية( الولايات المتحدة و"الكريملن" وإسرائيل) منذ العام 2015. ولهذا من المستبعد كلياً أن يكون الأميركيون أطلقوا النار على الأهداف الإيرانية في الغرب السوري (حمص وحماة وريف دمشق). أما الإسرائيليون فكانوا يتصدون لتلك الأهداف فوق الجولان والجنوب السوري وفي المجال الجوي الأردني مع أشقائهم في «الجيش الصيوني الهاشمي» بعد أن أعطى الملك الجاسوس إذنا للطيران الإسرائيلي بدخول المجال الجوي الأردني.
إذن، من أسقط أو حاول إسقاط الأهداف الإيرانية في ريفي حماة وحمص وريف دمشق!؟
وفق مصدر صديق في محطة الاستطلاع الجوي «إم1» في «شنشار» جنوب حمص، لم يسجل أي اختراق إسرائيلي للمجال الجوي السوري في تلك الليلة إلا على تخوم الحدود الجنوبية( الجولان ، درعا ، السويداء)، وكان لبضع دقائق فقط. وهو ما ينطبق أيضاً على المجال الجوي اللبناني (باستثناء منطقة جنوب الليطاني).
يبقى هناك احتمال واحد فقط: أن الدفاعات الجوية السورية و /أو الروسية هي التي قامت بذلك. وربما هذا هو السبب الوحيد الذي منع النظام من إصدار بيان حول ما جرى في تلك الليلة!؟ ( قناة «روسيا اليوم» الصهيونية التي تبث بالعربية تزاود في الفرح والزغردة حتى على الإعلام الإسرائيلي نفسه عند حديثها عن «فشل الهجوم الإيراني على إسرائيل»، ولديها إسهال حقيقي في نشر صور الصواريخ والطائرات الإيرانية التي جرى إسقاطها، رغم أن جميع العاملين السوريين في القناة، باستثناء «خالد الرشد»،هم من شبيحة النظام السوري!).
ليس مستبعداً أبداً أن يكون النظام شارك في حفلة الدفاع عن إسرائيل على غرار شقيقه الهاشمي، ولا شيء أو رادعَ أخلاقياً يمنعه من القيام بذلك. فهذا النظام، الذي لم يطلق طلقة واحدة انتقاماً لكرامته من 480 غارة إسرائيلية حتى الآن، يعمل كتاجر دمشقي أصيل ومحترف في "سوق الهال" منذ أكثر من خمسين عاماً، وهو لا يتردد (كما فعل عشرات المرات) في دخول بازار البيع والشراء إذا شعر بأن هناك مرابح معينة قد يجنيها من أي أزمة، أو إذا طلب الأميركيون منه ذلك مقابل تنفيعة معينة، مادية أو معنوية. فتاريخ صفقاته الموثقة ليس له أول ولا آخر، منذ أن منع «حافظ الأسد»(حين كان وزيراً للدفاع وقائداً للقوى الجوية في سبتمبر 1970) الطيران السوري من مؤازرة القوات البرية السورية التي دخلت إلى الأردن للدفاع عن الثورة الفلسطينية بقرار من الرئيس «نور الدين الأتاسي» و «صلاح جديد»، وهو ما أشاد به «كيسنجر» في مذكراته ( ج2، سنوات القلاقل) حين أشار إلى أن «قرار الأسد سمح بتدمير القسم الأكبر من دبابات القوات السورية المتدخلة في إربد. ».
كما أن «الأسد الأب»، وفي سابقة لا تزال تفاصيلها مجهولة إلا في الوثائق السوفييتية والألمانية الشرقية و وثائق نظام الشاه (برقية سفيره في دمشق «محمد بورستريب») سمح لإسرائيل بإرسال قوافل السلاح إلى ميليشيات «الجبهة اللبنانية» في العام 1976 عبر الأراضي السورية، قادمةً عن طريق الأردن، بعد أن ضربت البحرية السوفييتية حصاراً رقابياً مشدداً على الشواطىء اللبنانية لمنع إسرائيل من نقل السلاح إلى تلك الميليشيات بحراً، وبعد أن سرّبت السفارة السوفييتية في بيروت رسالة «برجينيف» التوبيخية شديدة اللهجة لـ"حافظ الأسد" إلى صحيفة «لوموند» الفرنسية من خلال نائب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني «نديم عبد الصمد». وهي رسالة وصف فيها «برجينيف» نظيره «الأسد» بأنه «خادم للإمبريالية والصهيونية العالمية من خلال تحالفه مع الولايات المتحدة وإسرائيل ومشاركته في حصار وتدمير وتجويع المخيمات الفلسطينية في لبنان ومنع المواد الغذائية من الدخول إليها، وفي قتاله الحركة الوطنية اللبنانية إلى جانب الميليشيات المسيحية التي تدعمها إسرائيل! »
وليس آخر المساهمات البازارية لهذا النظام "الممانع" ظاهراً، المتصهين باطناً، في هذا السياق، «تقديم المخابرات السورية معلومات لوكالة المخابرات المركزية لحماية الجنود والرعايا الأميركيين في الشرق الأوسط»، كما قال «بشار الأسد» متفاخراً في مقابلته الشهيرة مع "سيمور هيرش" في مجلة «نيويوركر» في العام 2003، وبيعه "عماد مغنية" في العام 2008 مقابل حذف اسمه من لائحة الاتهام باغتيال "الحريري"، وصولاً إلى تدمير البرنامج الكيميائي السوري في العام 2013 مقابل «توقف واشنطن وإسرائيل عن مطالبته بترك السلطة، وعدم الاعتراض على ترشحه في أية انتخابات رئاسية تشرف عليها الأمم المتحدة في سياق حل الأزمة السورية! »