مما تناهى إلى سمعنا من جلسة الاستماع إلى لجنة قيادة الإصلاح التربوي بمجلس نواب الشعب (جلسة 3 مارس 2016)، أن عادل الحداد المكلف بالإشراف على ملف هذا الإصلاح بوزارة التربية (مدير الحملة الانتخابية للجبهة الشعبية بجهة نابل) قد ادعى السبق إلى الدعوة إلى المجلس الأعلى للتربية. ونحن نقول إن هذا الادعاء باطل وفيه نية مبيتة للسطو على مقترح المجتمع المدني بهذا الخصوص وإفراغه من محتواه:
- أولا: السيد عادل الحداد عارضني شخصيا في ندوة دراسة مخرجات الحوار الوطني المنعقدة في أواسط نوفمبر 2015، لما ناديت بتبني ما جاء في مخرجات ذلك الحوار (التقرير التأليفي) وما سبق الكتاب الأبيض للائتلاف إلى الدعوة إليه من إحداثات مؤسسية وعلى رأسها المجلس الأعلى للتربية، وقال لي حرفيا: "ليس لنا باب لهذه الإحداثات" (أي ليس لنا قسم ننزلها فيه) فقلت له حرفيا "لنستحدث هذا الباب" فالندوة سيدة نفسها.
- ثانيا : خلافا لما ادعاه ممثل الاتحاد من أن نقابات التعليم هي أول من طرح موضوع المجلس الأعلى للتربية على الوزير عبد اللطيف عبيد، أقدم شهادة تاريخية مفادها أن أول من طرح هذا المقترح وصاغه في عريضة أمضى عليها الكاتب العام لنقابة التعليم الثانوي الأستاذ لسعد اليعقوبي، في ندوة منهجية الإصلاح التربوي، في أواخر شهر مارس 2012، هما شخصان: الدكتور مصدق الجليدي والأستاذ رضا الغيلوفي، بما هو ناشطان في جمعية تطوير التربية المدرسية وممثلان لنا في تلك الندوة مع الدكتور رضا ساسي والأخ البشير الهاشمي، وقد سلمت شخصيا في ذات الندوة أصل العريضة إلى وزير التربية الأسبق الأستاذ عبد اللطيف عبيد، وقد تبناها وأمضى بدوره لاحقا في عريضة بالمجلس التأسيسي لتمرير مشروع المجلس الأعلى للتربية على الجلسة العامة. كما سلمت نسخة منها لعضو اللجنة التربية بالمجلس التأسيسي التي كانت حاضرة في تلك الندوة. هذا وقد قمنا بنفس الشيء بخصوص إحداث كلية علوم تربية. أضيف إلى هذا أني لما اطلعت منذ عامين على ادعاء ممثل نقابة التعليم الثانوي نسبة المبادرة باقتراح مجلس أعلى للتربية إلى النقابة رددت عليه في جريدة المغرب ووضحت الحقائق التاريخية الخاصة بهذا المقترح ولم يصدر تكذيب لما صرحت به كما لم تصدر أي ملاحظات بخصوصه لا من النقابة ولا من غيرها.
- ثالثا: صرح مدير البرامج بوزارة التربية خلال الندوة البرلمانية الأخيرة، السابقة على جلسة الاستماع إلى لجنة قيادة الإصلاح التربوي من قبل لجنة التربية بمجلس نواب الشعب، أن "وزارة التربية قد قررت بعث مجلس أعلى للتربية". هذا التصريح نعتبره مغالطا ومغلوطا، لأن المجلس الأعلى للتربية يجب أن يكون مستقلا عن وزارة التربية ولا يترأسه وزير التربية، وإنما يكون تابعا لرئاسة الحكومة أو لمجلس نواب الشعب ويمكن أن يعين رئيس الجمهورية من ينوبه لرئاسته. ويشارك فيه مختلف الوزارات ذات العلاقة بالشأن التربوي (عشرة أو اثنا عشرة وزارة، مثل وزارة التعليم العالي ووزارة الثقافة والطفولة والمرأة والشؤون الاجتماعية والشؤون الدينية والشباب والرياضة….الخ. ويكون اسم هذا المجلس "المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي". كما يكون ممثلا في هذا المجلس المنظمات الوطنية بشكل متساو والفعاليات المدنية الناشطة في المجال التربوي وعموم المربين والمتفقدين والقيمين والتلاميذ والأولياء. ويصعد إليه كل هؤلاء بالانتخاب. بينما يقبل فيه عدد من الخبراء بطريقة الملفات العلمية وملفات الخبرة. ويكون به جهاز إداري تعينه رئاسة الحكومة أو البرلمان أو رئاسة الجمهورية. وإلى هذا المجلس ترفع أعمال لجنة قيادة الإصلاح ومشاريع الإصلاح التي أنجزتها الجمعيات والشبكات التربوية مثل الكتاب الأبيض للائتلاف المدني وغيره. ويضاف إليه الأعمال التي أنجزت في فترة الوزراء السابقين بعد الثورة ويضيف إليه المجلس دراسات ميدانية ودراسات مقارنة ليصوغ لنا كتابا أبيض أو قانونا توجيهيا جديدا انطلاقا من تلك الأعمال وبالاستناد إلى ميثاق وطني للتربية والتكوين تتم صياغته صلب هذا المجلس بالتشاور والتحاور أيضا مع الأحزاب الوطنية ومجلس نواب الشعب والمنظمات الوطنية والمفكرين والمجتمع المدني: بحيث ينجز هذا المجلس وثيقتين في البداية: الميثاق الوطني للتربية والتكوين والكتاب الأبيض لإصلاح المنظومة التربوية أو القانون التوجيهي الجديد الذي به تفاصيل الإصلاح وجوانبه الفنية. ويحبذ أن ينجز كذلك وثيقة تتضمن تقييما علميا للنظام التربوي التونسي. وكذلك نظاما داخليا لعمله بالتنسيق مع البرلمان ورئاسة الحكومة.