المركز المغاربي لدراسات الثورة والانتقال الديمقراطي ملامح تصوّر أولي

Photo

يوجد في هذا الفضاء التواصلي الافتراضي زخم هام من الكتابة والأفكار المناهضة لسياسات خرق الدستور والتي توّجت أخيرا بالإرادة/اللاإرادة السياسية بالانصياع لحزمة توصيات/إملاءات صندوق النقد الدولي. ولكن هذا الزخم لا يتراكم على نحو منهجي وتصاعدي، لكونه صادر عن أفراد متفرقين، حتى وإن وحّد بينهم أحيانا رابط أدبي مثل الرابط الذي يجمع جماعة الجريدة الالكترونية "الزراع". تجربة "الزراع" التي صدر عنها الآن مآت وربما آلاف المقالات النقدية السائرة في خط الثورة والانتقال الديمقراطي، تجربة مهمة للغاية.

أذكر على سبيل الذكر لا الحصر، إسهامات نور الدين العلوي ولامين البوعزيزي وعايدة بن كريم ومحمد ضيف الله وسعيد الجندوبي وشهاب بوغدير...الخ. ولكن من المهم أيضا أن يُستلّ منها شعاع أو طيف أكثر تنظما من الناحية المنهجية. مثل ذلك الخروج الأول للجمهور الواسع تحت عنوان "حصاد خمس سنوات من الثورة". الآن يجب في اعتقادي، تجاوز مرحلة رصد ما حصل غُفْلا (من جهة الثوار) أو مدبّرا له (من جهة الساسة). يجب أن نعرف "ماذا نريد بالضبط" أي الإرادة المتجاوزة لمرحلة الشعارات إلى مرحلة خطط التغيير والإصلاح الإجرائية المنطلقة من تشخيصات علمية للواقع في مختلف جوانبه.

كنت قد دعوت منذ مدة قليلة إلى تجميع القوى الفكرية الثورية الحداثية الأصيلة، أو بعضها على الأقل، في هيكل بحثي اقترحت له اسم "المركز المغاربي لدراسات الثورة والانتقال الديمقراطي" وشرحت سبب "مغاربيته". فقلت: "لماذا هو مغاربي وليس تونسيا أو عربيا؟


- ليس تونسيا فحسب، لأن الشباب في كامل أقطار المغرب العربي تواقون لمكافحة الفساد وتواقون للديمقراطية التشاركية. وهنالك إجماع سياسي رسمي وشعبي على وحدة مصير المغرب الكبير. ولكن هذا المركز لن يكون أداة للمعارضة في البلدان المغاربية بل هو يضع دراساته ومقترحاته على ذمة المعارضين والحاكمين جميعا. ولهم أن يتبنوا منها ما شاؤوا لتغيير أوضاع بلدانهم نحو الأفضل.

- وليس عربيا، لأن إمكانياته قد لا تسمح له بتغطية كل المنطقة العربية، ولأننا البلدان العربية لا تعيش كافة نفس حالة "الثورة والانتقال الديمقراطي" التي تعيشها البلدان المغاربية وإن بدرجات متفاوتة وبطرق مختلفة.",

أضيف الآن توضيحا آخر، وهو يخص نسبة الدراسات للثورة والانتقال الديمقراطي، وليس جعل "الثورة والانتقال الديمقراطي" مجرد موضوعين رئيسيين له. السبب واضح على ما يبدو لي، وهو رسم توجه سياسة البحث في هذا المركز باتجاه مراكمة مكاسب معرفية إجرائية لصالح الثورة والانتقال الديمقراطي.

داخل هذا المركز يمكن بعث وحدات بحث من نوع:


- وحدة سوسيولوجيا التنمية والتميز الإيجابي بين الجهات.

- وحدة الديمقراطية التشاركية والمحلية.

- وحدة تاريخ الثورة والانتقال الديمقراطي في العالم.

- وحدة الإصلاح التربوي.

- وحدة الأمن والدفاع الاستراتيجي والسياسات الخارجية.

- وحدة حقوق الإنسان ومكافحة الفساد.

- وحدة الإبداع والفنون زمن الثورة والانتقال الديمقراطي..الخ.

أفترض أنه يوجد لدينا- أي المشتركون في حمل هذا الهم من أصحاب القدرات البحثية- ما لا يقل عن خمسين اسما من مختلف حقول المعرفة الإنسانية:


- علم اجتماع (مثل نور الدين العلوي ولامين البوعزيزي وعادل بن عبد الله).

- انطروبولوجيا ثقافية (مثل منير السعيداني).

- تاريخ (مثل محمد ضيف الله ولطفي بن ميلاد).

- اقتصاد وتنمية (مثل عادل السمعلي).

- قانون خاص وعام ودستوري ودولي (مثل قيس سعيد ونوفل سعيد)

- علوم تربية (أمثال محرز الدريسي ورضا ساسي ومصدق الجليدي).

- فلسفة (أمثال بلغيث عون وسعيد الجندوبي ولطفي الحجلاوي وعمار الغيلوفي).

- وحضارة (أمثال سامي براهم وناجي الحجلاوي وعايدة بن كريم).

- سوسيولوجيا الأدب والإبداع (مثل شهاب بوغدير ونور الدين العلوي)…الخ.

إلى جانب تجربة "الزراع" توجد فعاليات ثقافية أخرى مثل "رابطة تونس للثقافة والتعدد" ومثل "منتدى الجاحظ" ومثل "الائتلاف المدني لإصلاح المنظومة التربوية"….الخ. من كل هذه الفعاليات وغيرها يمكن أن يترشح باحثون، دون إنهاء هذه التجارب في حد ذاتها، لتأثيث مختلف وحداث بحث مركز الدراسات حول الثورة والانتقال الديمقراطي. كما لا أرى شخصيا ما يمنع أن يثير هذا المقترح اهتمام الأحزاب المتبنية لخط الثورة والانتقال الديمقراطي.

المسائل الترتيبية والتنظيمية تناقش خلال الاجتماع الأول التمهيدي لتأسيس المركز وربما خلال جلسات أخرى أيضا. من ذلك يمكن مناقشة التسمية (هل نحتفظ بمصطلح الانتقال الديمقراطي أو نستعيض عنه بـ“البناء الديمقراطي“ مثلا). كما يدوّن ميثاق للمركز (الأهداف- خط البحث والتفكير والتحرير- سياسات التعامل..الخ). من المفترض أن يكون لهذا المركز إضافة إلى جهازه الإداري، هيئة علمية استشارية بها أعضاء جامعيون وباحثون من مختلف البلدان المغاربية.

تبقى مسألة التمويل. شخصيا لا أرى مانعا من طلب مساعدات من الدولة أو من أجهزة الاتحاد المغاربي ومن الجامعات ومن مؤسسات خاصة ومن هيئات دولية مستقلة لا تفرض أي شروط بخصوص توجهات المركز وفي حدود ما يسمح به قانون الجمعيات. فضلا عما يمكن أن تسهم به المنظمات والجمعيات التي تنخرط في عقود تعاون وشراكة مع المركز.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات