حوار بيني وبين الرئيس ماكرون

Photo

استدعاني اليوم رئيس الحكومة وقال لي أنت مطالب بمقابلة الرئيس الفرنسي ماكرون والتفاوض معه بخصوص ملف الإصلاح التربوي وحدود التدخل الفرنسي فيه. قلت له شكرا سيدي الرئيس على هذه الثقة الغالية، ولكن لماذا لا تطلب من وزير التربية أن يقوم بذلك؟

قال لي: لا، وزير التربية لا يناقش أي كلمة في التوصيات الفرنسية، أما أنت فقد قرأت لك منذ مدة مقالا تدعو فيه إلى التفاوض مع الاتحاد الأوروبي بطريقة عقلانية بخصوص الإصلاح التربوي، بحكم وجود عدة اتفاقيات ممضاة بيننا وبينهم. قلت له: طيب. توكلنا على الله.

لما تقابلت مع ماكرون خلال مأدبة العشاء التي أقيمت على شرفه، "جبدنا الموضوع" وكانت استراتيجية مفاوضاتي معه هي الآتية:


1- سيادة الرئيس: أنت تحبّ الخير لأصدقاء فرنسا، وتونس بلد صديق لكم، أليس كذلك؟


2- قال لي: نعم


3- قلت له: هل ترضى لتونس صديقتكم أن تتبنى نظاما تربويا ليس متميزا؟


4- قال: طبعا لا


5- قلت له: هل تعتقد أن النظام التربوي الفرنسي نظام متميز، علما بأنه يحتل مرتبة وسطى بحسب تقييمات اختارات بيزا PISA لسنة 2015، لمواد الرياضيات والعلوم واللغة الأم، حيث تحتل المرتبة 27 البعيدة جدا عن سنغافورة واليابان وهونكونغ وفنلندا والدنمارك ونيوزلندا وأستونيا؟


6- قال لي: لقد أعطيت أوامري للانكباب على فض هذه المهزلة


7- قلت: إذا نحن أيضا سنفعل مثلكم وسنزيح هذا العبء عن أنفسنا. ولكن هل تعلم يا سيادة الرئيس أن فرنسا تحتلّ بالضبط المرتبة قبل الأخيرة من بين 75 دولة في مستوى حسن سلوك وانضباط تلامذتها، وأن تونس المفتونة بتقليدكم قد حلّت الأخيرة في المرتبة 75.


8- فأطلق ماكرون صيحة تعجّب Aaa Bon ! وأردفVraiment c’est scandaleux !


9- فعقبت نعم سيدي الرئيس: إن تقليدكم تقليدا أعمى كارثة حقيقية


10- تركت فسحة للرئيس الضيف حتى يستعيد حيويته ويتعافى من صدمته، ثم استأنفت الحديث الممتع معه قائلا:
سيادة الرئيس. إن بين تونس وفرنسا شراكة اقتصادية متميزة ومنافع ومصالح متبادلة، وأنتم تعلمون بلا شك أن التربية السليمة تقود إلى تنمية قويمة واقتصاد قوي، وأن الحس السليم هو أعدل الأشياء قسمة بين الناس، كما يقول الفيلسوف الفرنسي العظيم ديكارت. فهل من الحس السليم في شيء أن تعقدوا شراكة مع طرف مهدد بالإفلاس لاعتماده نظاما تربويا لا يسهم في إنتاج الثروة؟ ألا يكون هذا مضرا بمصالحكم نفسها؟


وأليس من الحكمة تمتيع شريككم بفرص النجاح التربوي حتى يحقق نجاحات تنموية تمكنكم من استثمار بعضها لصالحكم بحكم الشراكة القائمة بيننا؟ هل من المعقول أن يعمل التاجر على تفليس حريفه، بحيث تنعدم كل قدرة له على مواصلة دور الزبونية معه؟


11- قال الرئيس الفرنسي الشاب الفطن: طبعا هذا ما يجب فعله.


12- قلت: ولكن يا سيادة الرئيس، إن اتباع نموذجكم التربوي المتوسط جدا تعليميا والمفلس تربويا وقيميا، على عكس النظام التربوي الياباني الذي يحتل المرتبة الأولى أخلاقيا والمراتب الأولى علميا، سيقودنا إلى الإفلاس المحقق وعندئذ ماذا ستجنون أنتم من وراء هذا؟


بالوصول إلى هذه المرحلة من الحوار والتفاوض، غمزني الشاهد، بما معناه: برا يزي…هانك اعطيته حسابه…وإن شاء الله نلقى رجال يواصلوا المهمة معاه..فغمزته بما معناه: ديويييو سيدي الرئيس…هذا لن يكون قبل انتخابات 2019 وربما حتى بعدها بخمس سنين أخرى..

وعند قدوم الصباح…سكت شهريار عن الكلام المباح…

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات